الخلاف لا يمنع من الانصاف * لقد أثبتت التجارب أن الأنظمة والقوانين لا يمكن أن تعيش إذا لم تستمد قوتها من إيمان ديني أو فلسفي، وأن أي نظام لا يستقبله الشعب بالرضا والقبول لا يلبث أن يزول، وإن دعمته قوة النار والحديد. وهذه حقيقة اعترفت بها حتى الفاشية والشيوعية لأنها بديهة لا تقبل الشك والريب.
وقد راعاها الإسلام وأولاها عنايته، حيث لم يفرض أحكامه على غير المسلمين، وإنما ترك أهل الأديان وما يدينون، فما هو صحيح عندهم فهو نافذ في حقهم، في نظر الإسلام، فالخمر والخنزير لا يملكهما المسلم، ويصح تملكهما، وتمليكهما لغير المسلمين، ومن أحكام الإسلام جواز أنكحة غير المسلمين، وإن لم تتوافر فيها الشرائط المعتبرة في أنكحة المسلمين.
وقد اتفقت المذاهب الإسلامية على هذا الأصل، ونطقت به كتبهم، فمن كتب السنة كتاب " البدائع والصنائع " ج 2 ص 310 و 311 الطبعة الأولى، وكتاب " المغني " ج 6 ص 613 و 627 الطبعة الثالثة: إن أنكحة غير المسلمين لها أحكام الصحة، لأنا قد أمرنا بتركهم وما يدينون، وفي المغني ج 6 ص 306 " مجوسي تزوج ابنته، فأولدها بنتا، ثم مات عنهما فلهما الثلثان ".
ومن كتب الشية الإمامية كتاب " الجواهر " باب الزواج والطلاق، وكتاب " مقابس الأنوار " أول باب الزواج: إن ما في أيدي غير المسلمين من النكاح وغيره صحيح، وإن كان فاسدا عندنا، وإن كل قوم يفرقون بين النكاح والسفاح فنكاحهم جائز، لحديث " ألزموهم بما الزموا به أنفسهم. "