السيد محسن الأمين * ربما يتساءل الناس إذا كان لم يعد للدين وزن ولا أثر في النفوس في هذا العصر فمن أين هذه العظمة للأمين المحسن، وهو رجل الدين الأول، ورئيس العلماء الأكبر! وما هذا الدوي الهائل الذي كنا نسمعه خلف جثمانه، وهذا السيل الجارف من الشعب والحكومة في سوريا ولبنان حول الجثمان وخلفه وأمامه، هذا الحشد الذي ضم جميع الهيئات الدينية والسياسية والشعبية كبارها وصغارها من جميع الطوائف والأديان، ولماذا ملأت الصحف في الأقطار الغربية أعمدتها على الصفحات الأولى تشيد بعظمة الفقيد تعدد فضائله ومناقبه! وما سبب هذه الهزة العنيفة التي زلزلت العالم العربي والاسلامي عندما سمع نبأ وفاته!
أجل لقد غيرت التطورات الأخيرة كثيرا من الأفكار والاتجاهات، وكشفت الغطاء عن كل مموه زائف، ولكنها عجزت عن مقاومة الحق الذي يتمثل بشخصية الفقيد، فأرغمت على الاعتراف بسلطانه، والنزول على حكمه.
اعتمد الفقيد على العمل والإخلاص لا على الرياء والتضليل، ولا على الأنساب والألقاب، وهل يفخر بأكفان الأموات وترابهم غير الحقير الأعزل من سلاح الحياة، انتسب الفقيد إلى حقيقة الدين وجوهره لا إلى اسمه ومظهره، فانتسب إليه العلم والدين فهذي المدرسة المحسنية مضى على خدمتها للعلم والانسانية نصف قرن، وهذي المؤلفات تعد بالعشرات، وهذا كتاب الأعيان من أعظم وأضخم ما تركت أمة من تراث خالد وهذا الجهاد المستمر لتوحيد الكلمة، وجمع الصفوف، وهذا الكفاح لكل مستعمر ومستثمر، خلال اصطفى لها الله أمينه