من أصول الإمامية * يتساءل البعض: لقد انقطع دابر الساسة الذين فرقوا المسلمين إلى مذاهب، فكيف بقي هذا الانقسام، وقد زالت أسبابه؟
أجل، إن الانقسام كان في بدئه عرضيا - وما زال - ولكن سر عان ما تحول إلى انقسام جوهري عند الكثير من رجال المذاهب، فظنوا أن الاختلاف في الفروع والاعتبارات اختلاف في الأصل والجوهر، وما زال أثر هذا الظن الخاطئ حتى اليوم، على أن عمل الساسة في كل عصر يرتكز على بث روح العداء التعصب عن طريق الأديان، وهذا هو السبب لاستمرار الانقسام والشقاق.
والغريب أن هذه الحقيقة يقررها الكثير من حملة الأقلام، ولكنهم يذهلون عنها وعن أنفسهم إذا وقع نظرهم على اختلاف يسير بين فقيهين من مذهبين، فيجعلونه اختلافا دينيا، لا نظريا.
وأغرب من ذلك أن ينسبوا لأحد المذاهب قولا لم يقل به أحد من اتباع ذلك المذهب، أو قال به فرد أو أفراد خالفهم فيه أكثر فقهاء المذهب نفسه، فينسبون إلى أهل السنة أجمعين قولا للأحناف، أو لفقيه منهم، وينسبون إلى الشيعة كافة، بما فيهم الإمامية، قولا لغلاة الشيعة، أو لفقيه من الإمامية خالف علماءهم جميعا، بل قد ينسبون إلى الشيعة قولا لجاهل لا يفهم عن التشيع شيئا.
هذا، والمعروف من مذهب الإمامية القول بفتح بابا الاجتهاد، ولازم ذلك أن قول مجتهد أو جماعة من المجتهدين، لا يكون حجة على الآخرين،