العلم دين يدان به * رأى بعض الغيورين على الدين إعراض الشباب عنه وعن أهله، وإقبالهم على كل جديد مفيد وغير مفيد، فحاول أن يرغبهم في الدين ويقنعهم بأن جديدهم هذا غير جديد، لأن الدين بزعمه قد تحدث عن كل شئ تصريحا أو تلويحا، وأشار إلى ما كان ويكون من الآلات والمخترعات الحديثة، ثم أورد هذا الغيور الشواهد على دعواه من آيات قرآنية وأحاديث نبوية حملها على غير محملها، وفسرها بغير حقيقتها، فسر قول القرآن الكريم " ويخلق ما لا تعلمون " بالطيارة والسيارة وفسر " ويوم تأتي السماء بدخان مبين " بالغازات السامة، وفسر " الكتاب المبين " بالتسجيل الهوائي للأصوات، إذن يصح لنا أن نقول بناء على هذا القياس: أن قول القرآن الحكيم " من يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " إشارة إلى تحطيم الذرة، وأن الفقرة الأولى تشير إلى استخدام الذرة في الأغراض السلمية النافعة، والفقرة الثانية تشير إلى استعمالها في الحرب المهلكة المدمرة.
إن هذا التفسير، وإن دل على طيب السريرة وسلامة القصد، فإنه لا يقل ضررا عن الرجعية والجمود. إن الخير كل الخير أن نقف بالدين عند واقعة وحقيقته، وحسب الدين فضيلة أنه أمر بكل شئ نافع، ونهى عن كل ما فيه شائبة الضرر، حسبه أنه حارب الجهل والفقر كما حارب الظلم والكفر إن القرآن لم يشر إلى وجود هذه الآلات والمخترعات، ولا إلى وجود أديسون وانشتين، وإلى وجود هتلر وموسيليني ولكنه أعرب بلسان عربي فصيح أن