عدد الشيعة وبلدانهم الغرض:
ليس الغرض من هذا الفصل أن نثبت أفضلية الشيعة، أو فضلهم بكثرة عددهم، وانتشارهم في البلدان، وأكثريتهم في ببعضها. لأن الكثرة لا تكشف عن الحق، والقلة لا تدل على الضلال، وقديما قيل " إن الكرام قليل " وقال أمير المؤمنين الذي يدور الحق معه كيفما دار: " لا تزيدني كثرة الناس حولي عزة، ولا تفرقهم عني وحشة ". ولو كانت الكثرة تغني عن الحق شيئا لكانت الطوائف غير الإسلامية أفضل دينا، وأصح عقيدة من المسلمين، وإنما الغرض الأول أن نثبت أن الشيعة كسائر الفرق والطوائف التي لها كيانها وتأثيرها بغض النظر عن أن عقيدتها صحيحة أو زائفة. وأن الذين يتجاهلون وجودها، وينظرون إليها كفئة قليلة يمكن استئصالها، كالحفناوي ومحب الدين الخطيب، إن هؤلاء بعيدون عن الواقع كل البعد، ولا يعبرون إلا عن رغباتهم وأحلامهم. إن القضاء على الشيعة لن يكون إلا بالقضاء على جميع المسلمين، ولن يكون ذلك، حتى لا يبقى على وجه الأرض ديار.
الدين والدولة:
كانت الدول فيما مضى - شرقية كانت أم غربية - تقوم على أساس الدين، فتخول لنفسها حق التدخل في شؤون الإنسان الداخلية والخارجية، لأنها نائبة عن الله. ومن هنا كانت تعامل الناس على أساس أديانهم ومعتقداتهم، لا على المؤهلات العلمية والخلقية، فتحابي أبناء دينها، وتضطهد الآخرين، أو تتجاهل وجودهم كرعايا ومواطنين. ومحال أن تسير مثل هذه الدول على سبيل العدل والمساواة، ويكون لها مبادئ عامة تطبقها على الجميع دون امتيازات واختصاصات