إلى مبدأ التشيع في تلك البلاد وسبب انتشاره فيها ثم يذكرون الباعث على انقراضه وزواله منها حتى لم يبق في بعضها شيعي واحد بل أهلها أصبحوا أشد الناس بعضا للشيعة تعصبا عليهم.
قال المؤلف: " أبانت لنا مباحث فلهوزن بصورة أدنى إلى الصواب أن مذهب التشيع ليس كما يعتقد البعض رد فعل من جانب العقل الإيراني يخالف الإسلام، ومما يؤيد أبحاثه التوزيع الجغرافي للشيعة في القرن العشرين، وقد ألمع الخوارزمي إلى أن العراق هو الموطن الأول للتشيع وكانت الكوفة وبها قبر الإمام علي (ع) أكبر مركز للشيعة، وفي غضون القرن الرابع امتد مذهب الشيعة إلى البصرة، وأصبحت شيعية بعد أن كانت عثمانية، في القرن الخامس الهجري كان في البصرة ما لا يقل عن ثلاثة عشر مكانا يتصل بذكرى علي، وكان يقدسها الشيعة، وكان أهل طبرية ونصف نابلس وقدس وأكثر عمان شيعة، ولا أدري كيف كان ذلك، ورغم قيام الدولة الفاطمية نلاحظ أن حزب الشيعة لم يتقدم إلا قليلا، وإذا كان ناصر خسرو قد وجد أهل طرابلس عام 428 ه شيعة فقد جاء ذلك من بني عمار كانوا هناك على مذهب التشيع، وكانت جزيرة العرب شيعة كلها عدا المدن الكبرى مثل مكة وتهامة وصنعاء وقرح، وكان للشيعة غلبة في بعض المدن أيضا مثل عمان وهجر وصعدة، وفي بلاد خوزستان التي تلي العراق كان نصف الأهواز وهي القصبة على مذهب الشيعة. أما في فارس فكان الشيعة كثيرين على السواحل التي تتصل بالعراق وخصوصا بالقرب من المتشيعين. أما في جميع المشرق فكانت الغلبة لأهل السنة إلا أهل قم، وكانت أصفهان تخالف قم كل المخالفة، ففي عام 345 وقعت بينهما فتنة كبيرة نشأت عن اختلاف المذاهب، وفي أواخر القرن الرابع الهجري لم يكن قد تم لمذهب الشيعة افتتاح البلاد التي يملكها اليوم، ولكنه كان سائرا في أحسن طريق يوصله إلى ذلك، بل كان الاضطهاد مما يساعد هذا المذهب على الانتشار ".
من أين جاء مذهب التشيع متى ابتدأ في نابلس وطبرية وغيرهما من البلدان التي ليس فيها اليوم شيعي واحد؟ وما هي الأسباب الباعثة على انقراضه وزواله من تلك الأماكن، وأي فرقة من فرق الشيعة، كانت تستوطنها؟