درس من الماضي * اعتاد كثيرون من خطباء الجوامع والكنائس أن يأمروا بتقوى الله، وينهوا عن معصيته، يوجهون هذه الموعظة - في الغالب - إلى المستضعفين الذين يظلمهم الأقوياء ولا يستطيعون أن يظلموا أحدا، فيخوفوهم من نار جهنم تشوي وجوههم وأفئدتهم، كلما نضجت بدلهم غيرها كي يدوم عليهم العذاب الأليم.
أما الأقوياء الطغاة الذين يملكون الأطيان والبنايات، والأثاث والسيارات، ويملأون البنوك والمصارف بما اختلسوه من أقوات العباد فيمجدونهم ويسبحون بحمدهم، ويلتمسون العلل لتبرير عدوانهم، ويعدونهم بجنة عرضها السماوات والأرض، وبقصور أضخم من قصورهم في الدنيا، وببساتين أوسع من بساتينهم في هذه الدار، وبحور أجمل من الراقصات والارتستات اللائي أنفقوا عليهن الألوف، وبخمور ألذ وأشهى مما يشربونها في المواخير والحانات.
ومنذ القديم كان وعاظ المساجد يتقربون إلى الملوك والحكام أمثال الطاغية عبد الحميد، والفاسق فاروق يتقربون إليهم بالدعاء لهم في خطب الجمعة بأن يديم الله لهم القوة والعز، والغلبة والنصر متجاهلين قول الله سبحانه " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار " وقول الرسول الأعظم " ما ازداد رجل من السلطان قربا إلا ازداد من الله بعدا - من أرضى سلطانا بما سخط الله خرج من دين الإسلام. " إن أمثال هؤلاء الوعاظ يهددون ويهولون على المساكين الذين لا يستطيعون حيلة ولا وسيلة ويبشرون المترفين بما أعد الله لهم من الثواب الجزيل والأجر