العمامة ورجال الدين * كان اللباس في عهد الرسول ص والخلفاء الراشدين، وأول عهد العباسيين واحدا لا تمييز فيه لأحد على أحد، فلا فرق بين لباس العالم والجاهل، ولا بين رجل الدين وغيره، فالنبي ص وخلفاءه وأصحابه جميعا كانوا يلبسون كما تلبس الناس، فكان العالم يعرف بهديه وآثاره، لا بثيابه ومظاهره.
وأول من غير لباس رجال الدين في الإسلام إلى هيئة خاصة هو أبو يوسف تلميذ أبي حنيفة، وفي المجلد الأول من كتاب المدخل لابن الحاج ص 137 أن تمييز رجال الدين باللباس عن غيرهم مخالف للسنة، ثم ذكر مفاسد تترتب على هذا التمييز نلخصها بما يلي:
إن تمييز رجال الدين في اللباس يستدعي - كما رأينا - أن يتزيا بزيهم من لا أهلية له، فيتقدم ويترأس في المجالس وغيرها على من هو خير منه علما وخلقا، وتنخدع العوام بثوبه فيأتمنونه ويسألونه عن أشياء لا يعرف حكمها، ويمنعه زيه ولباسه أن يقول لا أعلم، كي لا يقال: إنه جاهل ومتطفل يلبس ثوب غيره فيفتي بما لا يعلم، ويحكم بغير ما أنزل الله سبحانه.
ولو كان لباس العلماء كلباس غيرهم من الناس لم تقع هذه المفاسد، ولعم بهم النفع، وحصلت البركة والراحة والخير على أيديهم، وضرب شاهدا على ذلك ما حكي عن العالم أبي الحسن الزيات كان من عادة هذا العالم الجليل أن يلبس لباس العمال، ويعمل في أرضه كما يعملون، وفي ذات يوم خرج ليعمل في أرضه كعادته، وإذا بالشرطة يأخذونه مع غيره من العمال ليشتغلوا سخرة