فزاد عليهم.
وروى عنه راو واحد، وهو إبان بن تغلب ثلاثين ألف حديث، وقال الحسن بن علي الوشا: " أدركت في مسجد الكوفة تسعمائة شيخ، كل يقول:
حدثني جعفر بن محمد، وبرز بتعليمه من الفقهاء والأفاضل جم غفير ".
وقال الشيخ محمد الحسين المظفر في كتاب " تاريخ الشيعة ":
" أحسن أيام مرت على الشيعة هي الفترة التي امتزجت من أخريات دولة بني مروان، وأوليات دولة بني العباس، في اشتغال الأمويين بقتل بعضهم البعض، وفي انتقاض البلاد عليهم، وفي اشتغال بني العباس بالحروب مع المروانيين تارة، واستتاب الأمن أخرى، فانتهز الشيعة هذه الفرصة للارتواء من مناهل علم الإمام الصادق، فشدوا الرحال إليه، لأخذ أحكام الدين والمعارف عنه.
ولقد روي عنه في كل علم وفن، كما تشهد به كتب الشيعة، ولم تقتصر الرواية عنه على الشيعة فحسب، بل روت عنه سائر الفرق، كما تفصح بذلك كتب الحديث والرجال، وقد أحصى ابن عقدة والشيخ الطوسي، والمحقق في المعتبر وغيرهم من روى عنه من الشيعة وغيرهم، فكانوا أربعة آلاف.
وصارت الشيعة في غضون هذه الفترة تنشر الحديث، وتجهر بولاء أهل البيت، وربا عددهم في مختلف الجهات. ولما قامت دعائم السلطان للمنصور ضيق على الإمام الصادق، وأراد أن يقطع الأصل ليكون به جفاف الفرع ".
لقد وافق عصر الإمام الصادق حركة فكرية بلغت الغاية في نشاطها وانتشارها، وظهرت مقالات غريبة، وتيارات أجنبية عن الإسلام تفشت بين المسلمين، بخاصة بين شبابهم، بالنظر لاتساع رقعة الإسلام، وكثرة الفتوحات التي فتحها العرب، واندماجهم بالأمم العديدة المتباينة في ثقافاتها وأديانها.
فكان الملحدون يلقون الشبهات، والمرجئة يساندون حكام الجور، والمغالون يدعون مع الله إلها آخر، والخوارج يكفرون المسلمين، والمتصوفة يضللون ويراؤون، والمحدثون يضعون الأحاديث على رسول الله، والمؤمنون يريدون إيمانا واعيا، فكان الشغل الشاغل لقادة الدين أن يدفعوا عنه، ويثبتوا صحة العقيدة، ويفندوا مزاعم المبطلين، ويزيفوا أقوالهم.
وكانت مدرسة الإمام الصادق أول من شعر بهذا الخطر، وأسبق من عمل