وصدق الله العظيم " قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين، ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم - 15 التوبة ".
والخلاصة أنه بعد وفاة النبي اجتمع الأنصار في سقيفتهم يتداولون فيما بينهم، لتكون الخلافة فيهم ولهم دون قريش، فقصدهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة الجراح، وتمكنوا من صرف الخلافة عن الأنصار إلى أبي بكر، وكان بنو هاشم في شغل بمصيبتهم وتجهيز الرسول، وعارض قوم من الأصحاب العارفين لحق علي، وأصروا على أن تكون الخلافة له، ولكن القوة كانت ضدهم، فكفوا عن المعارضة وأمسكوا وأظهروا والتسليم، ولكنهم بثوا الدعوة لعلي بين الناس، ونقلوا إلى الأجيال ما سمعوه من نص النبي على علي. فالدعوة إلى التشيع في هذا القرن كانت بسيطة ساذجة، تماما كالدعوة الإسلامية في هذا العهد لا فلسفية فيها، ولا شئ سوى حجج القرآن والسند النبوية التي قبلها المسلمون الأولون، وآمنوا بها بدون جدال وتعليل وتأويل، ولا تعمق في الشروح والتفاصيل، ولم يكن في هذا الدور فقه يعرف بفقه الشيعة، وآخر يعرف بفقه السنة ولذا لم يظهر أي فرق بين الشيعة وغيرهم إلا في مسألة الخلافة، وإمارة المؤمنين، وكان الشيعة في هذا الدور يعرفون بالتقوى والزهد، ومناهضة الظلم والظالمين، ومن هنا لاقوا من حكام الجور ألوانا من التقتيل والتنكيل.
الدور الثاني:
يبدأ الدور الثاني بعصر الإمام جعفر الصادق، ونعني به آخر الدولة الأموية، حيث دب فيها الضعف، وأول دولة العباسيين، حيث تنفس الشيعة الصعداء، بعد الأيام السود التي عاشوها مع الأمويين، وأصبحوا على شئ من الحرية والأمن على أرواحهم وأموالهم، وأتيح لأئمة أهل البيت أن ينشروا تعاليمهم في هذه الفرصة والفرجة. فرواها الألوف، وتقبلها الملايين إلى أن قام المنصور، فوضع في طريقها العراقيل، وعاد الأمر أشد وأسوأ مما كان في عهد الأمويين إبان قوتهم وعظمتهم.
ازدحم الرواة والعلماء - في هذه الفترة - - حول الإمام الصادق، وقصده