وعلماؤهم ورواتهم المعروفون، وآراؤهم الخاصة بالتوحيد والعدل وعصمة الأنبياء وشفاعتهم، وبالجبر والاختيار، وما إلى ذلك. وتميز مذهب التشيع عن بقية المذاهب تميزا تاما كما تميز مذهب المعتزلة عن مذهب الأشاعرة.
أما أقوال بقية الأئمة الأطهار منذ الإمام الكاظم إلى نهاية الغيبة الصغرى فهي إما تأكيد لأقوال الصادق، وإما متممة لبعض أصول المذهب أو فروعه، أما رجالات الشيعة في عهد الإمام الصادق وبعده فكان همهم واهتمامهم حفظ تعاليمه، وتدوينها والدفاع عنها.
الدور الثالث:
ظهر مما قدمنا أن دعاة التشيع ورواده في الدور الأول اهتموا قبل كل شئ بالدعوة إلى الولاء لأهل البيت، والإيمان بأنهم أحق الناس جميعا في خلافة النبي وميراثه في الحكم والسلطان، وأن الدعاة اعتمدوا على نصوص الكتاب والسنة، ولم يتجاوزوا حرفيتها وهكذا كان الإسلام في الصدر الأول يستمد من الكتاب والسنة، وأخلاق الرسول الأعظم، والتشيع منذ يومه الأول إلى آخر يوم يسير مع الإسلام جنبا إلى جنب.
أما الدور الثاني، وهو دور الحضارة والحركة الفكرية فقد ظهر فيه مذهب التشيع، وتميز عن غيره أصولا وفروعا، وأصبح للشيعة فقههم المستقل وآراؤهم الواضحة في كل ما يتصل بالعقيدة من قريب أو بعيد (1).
أما الدور الثالث فهو دور الدفاع ورد العاديات، ويبتدئ بالشيخ المفيد وتلميذه الشريف المرتضى، وينتهي بالعلامة الحلي، وليس من شك أن الأئمة الأطهار، وأصحابهم كهشام بن الحكم وغيره قد ذبوا ودافعوا ولكن قصدهم الأول كان إلى تحديد المذهب، وإظهاره على حقيقته، وتمييزه عن غيره، ودعمه بالأحجج والبراهين.
ويجب أن نكون على علم اليقين بأن هذا التقسيم لا يمس التشيع في حقيقته