الناس من كل قطر ينهلون من معينه، ويأخذون عنه شتى العلوم والمعارف، قال السيد محسن الأمين في ترجمته " أعيان الشيعة " ج 4:
" ولد الإمام الصادق سنة 80 ه، وتوفي سنة 148، فمدة حياته 68 سنة، أدرك فيها هشام بن عبد الملك إلى آخر دولة بني أمية، وأدرك من دولة بني العباس السفاح وعشر سنين من ملك المنصور.
ومن مميزات هذا العصر انتشار العلوم الإسلامية فيه من التفسير والفقه والحديث وعلم الكلام والجدل والأنساب، والشعر والأدب والكتابة والتاريخ والنجوم وغيرها.
وكان الإمام الصادق أشهر أهل زمانه علما وفضلا، قال مالك بن أنس إمام المذهب المالكي:
ما رأت عين ولا سمعت أذن، ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمد علما وعبادة وورعا، وكان كثير الحديث، طيب المجالسة، جم الفوائد.
وقال الحسن بن زياد: سمعت أبا حنيفة، وقد سئل عن أفقه من رأى، فقال: جعفر بن محمد.
وقال ابن أبي ليلى: ما كنت تاركا قولا قلته، أو قضاء قضيته لقول أحد إلا رجلا واحدا، هو جعفر بن محمد.
ولم يقل أحد سلوني قبل أن تفقدوني إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وحفيده جعفر بن محمد.
وروى الجنابذي في معالم العترة الطاهرة عن صالح بن الأسود: سمعت جعفر الصادق يقول: سلوني قبل أن تفقدوني، فإنه لا يحدثكم أحد بعدي بمثل حديثي، فكان يقول: حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث علي بن أبي طالب، وحديث علي حديث رسول الله.
وقد انتشر عنه من العوم الجمة ما بهر العقول، ولم ينقل العلماء عن أحد ما نقل عنه، ولا لقي أحد، ونقل عنه من الأخبار ما نقل عنه، فقد جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة عنه من الثقات على اختلاف الآراء والمقالات، فكانوا أربعة آلاف رجل، ذكرهم الحافظ بن عقدة الزيدي في كتاب رجاله، وذكر مصنفاتهم فضلا عن غيرهم، واستدرك ابن الغضائري على ابن عقدة،