أهل كل عقيدة، كما يقول ابن كثير الشامي. ونعرف حيوية المفيد في تفكيره وآرائه حين نأخذ باعتبارنا تأثير طبيعة العصر الذي عاش فيه يوم كانت الأخبار والأحاديث هي السند الوحيد لعلماء الشيعة فيما كتبوه حول عقائدهم ومذاهبهم.
دون محاكمة أو تمحيص. أما المفيد فقد كان يحاكم ويفكر بحرية وتجرد ".
وقال السيد الأمين في الجزء السادس والأربعين من كتاب " الأعيان ":
" قال اليافعي في تاريخه مرآة الجنان: عالم الشيعة وصاحب التآليف الكثيرة، شيخهم المعروف بالمفيد البارع في الكلام والفقه والجدل، كان يناظر كل عقيدة بالجلال والعظمة.
وقال ابن النديم في الفهرست: ابن المعلم أبو عبد الله دقيق الفطنة ماضي الخاطر، شاهدته فرأيته بارعا ".
وقال صاحب " روضات الجنات ":
" نقل عن ابن كثير أنه قال: كان المفيد شيخ الروافض محاميا عنهم، متعصبا في حقهم. وكان يحضر مجلسه خلق كثير من العلماء من جميع الطوائف والملل. ولما بلغ نعيه إلى الشيخ أبي القاسم الخفاف المعروف بابن النقيب فرح بموته كثيرا، وأمر بتزيين داره، وجلس فيها للتهنئة، وقال: الآن طاب لي الموت ". نقلنا هذه الجملة، لأنها أبلغ صورة، وأصدق شاهد على عظمة المفيد التي تضاءل أمامها العلماء وتصاغروا، حتى شعروا بأنهم ليسوا بشئ يذكر ما دام المفيد حيا.
أما قول ابن كثير بأنه كان متعصبا فهو التعصب بالذات، لأن من يؤمن بالحق، ويجادل بالعقل والكتاب المبين، ويستقي أقواله من أصدق مصدر، وأنقى معين لا يكون متعصبا ولا متحيزا، بل مؤمنا مخلصا، إن المتعصب هو الذي يكابر، ويجادل بالباطل، ويبخس الناس أشياءهم بالكذب والافتراء.
إن الذين جاءوا بعد العلامة، ودافعوا عن المذهب كما دافع، السيد الأمين، وكاشف الغطاء، وشرف الدين، والشيوخ المظفرون (1)، إن هؤلاء وغيرهم لهم