كل من اشترك في موقعة كربلاء، بخاصة الأشراف، والرؤوس الكبار، وقد هرب جماعة من هؤلاء إلى البصرة خوفا من نقمة الجماهير، منهم شبث ابن ربعي، ومحمد بن الأشعث، أما عمر بن سعد فبقي بالكوفة بأمان من المختار.
وفي سنة 66 ه أرسل عبد الملك بن مروان جيشا للاستيلاء على العراق بقيادة عبيد الله بن زياد، فأرسل له المختار جيشا بقيادة إبراهيم بن الأشتر، فالتقيا بالموصل، فدارت الدائرة على جيش الأمويين، وقتل ابن زياد، والحصين بن نمير، وجماعة من أشراف أهل الشام، فقويت شوكة المختار في الكوفة، واشتد أمره، وفي مستهل سنة 67 أنفذ عبد الله بن الزبير أخاه مصعبا واليا على البصرة، فحرضه أشراف الكوفة الذين هربوا من المختار على حربه وانتزاع الكوفة منه، فأجابهم، وكان أصحاب المختار قد انقسموا على أنفسهم، وأصبحوا فئتين متباغضتين عربا وموالي، فأوقع بهم مصعب شر إيقاع، وقتل المختار، " وكان من جملة من أدركه الاحصاء ممن قتله مصعب مع المختار سبعة آلاف رجل، كل هؤلاء طالبون بدم الحسين، وقتلة أعدائه. وتتبع مصعب الشيعة بالقتل بالكوفة وغيرها ". (المسعودي ج 3 ص 107).
وبعد مقتل المختار كثرت عليه الأقاويل، وحيكت حوله الأساطير، ونسب إليه ادعاء النبوة ونزول الوحي، وأنه كان يطلق الحمامات البيض حين تقوم المعركة بينه وبين خصومه يوهم أنصاره أنها ملائكة أرسلها الله لنصرته، وأنه ابتدع القول بالبداء، إلى غير ذلك. ونحن نستبعد هذه النسب، ونظنها من وضع الأمويين والزبيريين الذين جرت بينهم وبين المختار حروب طاحنة، قال المستشرق فلهوزن في كتاب " الخوارج والشيعة " ص 234 سنة 1958:
" لما مني المختار بالهزيمة أدبرت عنه الدنيا، وراحت الروايات تطلق سهامها على ذكراه بعد مقتله، في البدء كانت تذمه دون تشوه صورته، ولكنها راحت بعد ذلك في مرحلة متأخرة تنعته بنعوت أملاها الحقد، وهذه النعوت نفسها هي تسود الصورة التي كونتها عنه الأجيال التالية ". وقال الأهواني في كتاب " في عالم الفلسفة " ص 78: " إن كثيرا مما نسب إلى المختار موضوع للتشنيع عليه ".