أقول: الإدام بالكسر والأدم بالضم: ما يؤكل مع الخبز أي شئ كان كذا في نهاية ابن الأثير (1). ولعل قطعه لقمة لقمة بالسكين وأكله على هذا الهيأة ليكون شبيها بأكله مع الإدام ونازلا منزلته يفيد لذة ما موهومة مرغبة للنفس ومسكنة لها، بل محركة لها إلى أكله والالتذاذ به، فيكون الغرض منه مجرد إبداء حيلة تتخدع بها النفس فتصير بذلك قانعة لما فيه من التشبه بأكله مع الإدام.
ويحتمل أن يكون ذلك يفيده في الواقع صلاحا، ويجعله مناسبا وموافقا للمزاج الانساني ما لا يفيده ولا يصلحه الكسر باليد، وذلك لما في مزاج السكين من نوع ملائمة ومناسبة مع مزاج الخبز غير معلوم لنا إلا بالوجه، ونظيره في سائر اختلاطات الأدم وغيره بعضها مع بعض كثير، كما قيل: " الجوز داء، والجبن داء، فإذا اجتمعا صارا دواء " فيحتمل أن يكون نفوذ السكين فيه وقطعه له من هذا القبيل، فيصير بذلك شبيها بالخبز المأدوم في كونه صالحا بالإدام غير مضر لبدن الأنام لا في كونه لذيذا مرغوبا للطبع لينكر بعدم مطابقته الواقع، فإن لآلات القطع والأواني دخلا عظيما في تغيير أمزجة المأكول والمشروب وعدمه كما جربه أهل الطب من الحكماء، فلعل مجرد إمرار السكين في حال القطع على أية قطعة منه وقطعها به يفيدها من الصلاح كالإدام ما لا يفيدها الكسر باليد، فلعلهم لذلك كانوا يقطعونه حال الضرورة وفقدان الأدم، هذا.
وأما حديث النهي عن قطعه بالسكين كما رواه في الكافي عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنه قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تقطعوا الخبز بالسكين ولكن اكسروه باليد وليكسر لكم، خالفوا العجم " (2) فإما محمول على حال غير الأكل كما إذا احتيج إلى كسره باليد ليباع أو يوهب مثلا فيعدل عنه إلى القطع، أو على كراهته في حال غير الضرورة كما إذا كان هناك إدام يصلحه فإن قطعه حينئذ مكروه للغناء عنه بالكسر، والإدام مع ما فيه من نوع إهانة وترك الإكرام، وقد ورد: " أكرموا