الصادق (عليه السلام) فمع أنها غير حجة عليهما لأنهما لم يقولا بها معارضة بأقوى منها وأكثر كما عرفت. فما أورده عليهما البهائي في الأربعين بقوله: لا تلاعب مع النقل عن المفسرين المعتضد بالرواية عن الأئمة الطاهرين والاجماع غير ثابت (1)، غير وارد.
وبما قررناه يظهر أن الحق مع الأشاعرة القائلة بوجود الجنة والنار، وخلاف أكثر المعتزلة كالعباد وأبي هاشم والقاضي عبد الجبار حيث زعموا أنهما غير مخلوقتين الآن وإنما تخلقان يوم القيامة غير مسموع في مقابل النصوص الصريحة الدالة على وجودهما.
قال مجاهد: قلت لابن عباس: أين الجنة؟ فقال: فوق سبع سماوات، قلت:
فأين النار؟ قال: تحت أبحر مطبقة (2). والأخبار على ذلك من الطرفين أكثر من أن تحصى.
وإلى وجودهما الآن ذهب كثير من أصحابنا، منهم الطوسي في التجريد (3) والقمي في الاعتقادات بل اتفاقي فيهم، قال القمي: اعتقادنا أن الجنة والنار مخلوقتان، فإن النبي (صلى الله عليه وآله) قد دخل الجنة ورأى النار حين عرج به، واعتقادنا أنه لا يخرج أحد من الدنيا حتى يرى مكانه من الجنة والنار. وهذا كلام جيد، إلا أنه نقل بعده كلاما غير جيد، قال: إن جنة آدم كانت من جنان الدنيا وما كانت من جنة الخلد، قال: لأنه لو كانت من جنة الخلد ما خرج منها أبدا (4). والحال على ما عرفت، وعملنا بخذ ما صفي ودع ما كدر.
وأما ما استدل به على امتناع وجودها بأنه لا يمكن حصولها في عالم العناصر والأفلاك لأنها لا تسعها فتكون فوقها وهو محال لانتهاء عالم الأجسام