المخلوقة في المغرب التي تخرج إليها أرواح المؤمنين من حفرتهم على صور أبدانهم العنصرية، أي الأشباح المثالية في عالم البرزخ، فإن صورة الشئ قد يقال لشبحه ومثاله كصورة الفرس المنقوشة على الجدار، وقد يقال لجزئه الذي يكون به الشئ هو ما فيه بالفعل كالنفس الفرسية. والمراد بها هنا هو المعنى الأول، لا جنة الخلد التي يدخلونها بعد قيام الساعة بأبدانهم العنصرية بعد جمع أجزائها المتفرقة، وهي المتنازع فيها بين المعتزلة والأشاعرة، ولعل ما أسقطه في تلك الورطة هو اشتراك لفظ الجنة والغفلة عن محل النزاع.
والعجب أنه قال بعيد هذا في ذيل تنبيه: إن الأرواح تتعلق بعد مفارقة أبدانها العنصرية بأشباح مثالية تشابه تلك الأبدان، ثم قال: والذي دلت عليه الأخبار أن تعلقها بها مدة البرزخ فتتنعم أو تتألم بها إلى قيام الساعة فتعود عنده إلى أبدانها، ثم روى روايات تدل على أن أرواح المؤمنين في صفة الأجساد في شجر في الجنة يتعارفون ويتساءلون، ويأكلون من طعامها ويشربون من شرابها ويقولون:
ربنا أقم لنا الساعة وأنجز لنا ما وعدتنا (1). ومع ذلك ذهب عنه أن جنة الخلد إذا استقر فيها أهلها للثواب لم يخرجوا منها أبدا بالاتفاق، وليست لهم حينئذ حالة منتظرة ليقولوا: ربنا أقم لنا الساعة وأنجز لنا ما وعدتنا، بل إنما يطلبون ذلك ويسألونه في الجنة البرزخية مع ما هم فيها من طعامها وشرابها، لكونه ناقصا في جنب ما ينالونه بعد إقامة الساعة وإنجاز الوعد الصدق من التقرب والزلفى بالدرجات العلى والعيش بالحياة الطيبة والأنس الدائم، وذلك بعد أن دخلوا الجنة التي وعدهم الله تعالى على ألسنة أنبيائه (عليهم السلام)، فإنهم وقتئذ يجلسون فيها * (على سرر موضونة متكئين عليها متقابلين يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون وفاكهة - إلى قوله تعالى - جزاء بما كانوا يعملون) * (2).
وفي فروع الكافي عن ضريس الكناسي قال: " سألت أبا جعفر (عليه السلام): أن