ولا عقلا، كيف ولا قدرة له عليه، فيكون معذورا في عدم إيمانه وترك ما يجب عليه فعله وفعل ما يجب عليه تركه؟ فقوله: " لا يسلبه القدرة ولا اختيار الإيمان وإلا لبطل تكليفه " كما ترى، إذ بطلان التالي على تقدير ذاتية شره ممنوع.
والحق أن يقال: إن ذاته من حيث هي نسبتها إلى الخير والشر نسبة واحدة، وإنما يفعل الشر بسوء اختياره كسائر أفراد نوعه، ولا دخل فيه لخباثة أصله وفساد طبيعته، وذلك لأنه تعالى لما كان عالما في الأزل بأن أي روح تصدر عنه أعمال الأشقياء باختياره في بدن طيب أو خبيث، وأن أي روح تصدر عنه أعمال السعداء باختياره، كذلك اقتضت حكمته أن يجعل للأول بدنا خبيثا وللثاني بدنا طيبا لمجرد المناسبة، لأن لهذا البدن دخلا في الأفعال لوجوب صدور القبيح عن ذي البدن الخبيث وجوب لاحق لا سابق، وكونه واسطة للقبيح إنما هو باعتبار أنه واسطة للإثبات والوجوب اللاحق لا للثبوت والوجوب السابق.
وبالجملة: ولد الزنا من حيث هو فرد من أفراد هذا النوع ليس شره ذاتيا وإلا لكان جميع أفراده لكونه متحدا بالنوع ومختلفا بالشخص شريرا، فالإيمان والفضل والكمال وأضدادها ليست تابعة لطيابة الأصل وصفاته وخباثة الأصل وفساده وإلا لزم الجبر وبطلان الشرائع والتأديب والسياسة والوعد والوعيد، نعوذ بالله منه، هذا.
ويمكن أن تكون نسبة الأوسط إلى كونه ولد زنية إنما نشأت من قبل جده وجدته لا من جهة أبيه وأمه، وذلك لما قد رواه أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي من رجال العامة ومن علماء السنة في كتاب المثالب " قال: كانت صهاك أمة حبشية لهشام بن عبد مناف، فوقع عليها نفيل بن هشام، ثم وقع عليها عبد العزى بن رياح، فجاءت بنفيل جد عمر بن الخطاب " (1). وهذا منهم غريب عجيب، لأنهم ينسبون الشيعة إلى السب وعلماؤهم يروون ما ترى، ثم يهملون