حدثنا محمد بن أبي عبد الله، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: سألته عما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: " إن ولد الزنا شر الثلاثة، ما معناه؟ قال (عليه السلام): عنى به الأوسط، أنه شر ممن تقدمه وممن تلاه " (1).
أقول: هذا نص في أن الثاني ولد الزنا، وكون الحديث مضمرا لا يقدح فيه، لأن أبا بصير هو يحيى بن أبي القاسم الثقة من أصحاب أبي الحسن موسى (عليه السلام)، فالظاهر أنه المسؤول. وقوله: " قال (عليه السلام) " صريح فيه، وترك التصريح بالاسم: إما للاحتياط والتقية، أو لظهوره عند المخاطبين وتعينه.
لكن في أصل السند كلاما، لأن الكوفي والنخعي مجهولان، والنوفلي قد رماه قوم من القميين في آخر عمره بالغلو (2)، والبطائني قائد أبي بصير واقفي ورد فيه ما ورد عن الرضا (عليه السلام) من الطعن واللعن (3)، فالرواية بين كونها مجهولة أو ضعيفة السند.
وفي بعض الأخبار فسر هذا الخبر تفسير آخر، فعن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنه " قال: يقول ولد الزنا: يا رب ما ذنبي؟ فما كان لي في أمري صنع؟ قال:
فيناديه مناد فيقول: أنت شر الثلاثة أذنب والداك فتبت عليهما، وأنت رجس ولن يدخل الجنة إلا طاهر " (4).
وقال ابن الأثير في النهاية: ولد الزنا شر الثلاثة، قيل: هذا جاء في رجل بعينه كان موسوما بالشر، وقيل: هو عام، وإنما صار ولد الزنا شرا من والديه لأنه شرهم أصلا ونسبا وولادة، ولأنه خلق من ماء الزاني والزانية فهو ماء خبيث، وقيل: لأن الحد يقام عليهما فيكون تمحيصا لهما وهذا لا يدرى ما يفعل به في ذنوبه (5). وفيه ما سبق من قول ولد الزنا: يا رب ما ذنبي؟ فما كان لي في أمري صنع؟