وخشونة العيش في المطعم والملبس وغيرهما على صفة (1) الفقراء، مع تعرضهم بتولي الأمر للخطر العظيم في الدنيا، وتحصيل العداوة المخوف معها على الأنفس، وما يليها من سوء العقبى، واكتساب الذم إلى يوم القيامة، بظلم من يجب حقه، والتصغير بمن يلزم تعظيمه، وتقريب من يجب إبعاده، وحرمان المستحق وإعطاء غيره.
ولو لم يدل على قبح سياستهم للدنيا إلا وضعهم من أهل بيت وفي رئاستهم المعظمين لديه على كافة أمته، والتصغير بهم، وقصدهم بالأذى، ومنع المنافع التي أمزجوا فيها أعداءهم، لكفى، إذ لا شبهة في فساد هذه السياسة، وقبح هذه السيرة، فأي شبهة تبقى على منصف في قبح سياسة من هذه حاله دينا ودنيا!!.
وأما عبادتهم:
فلم يعدهم أحد من الأمة من عباد المدينة، وإن كان ثم دعوى عبادة فليست المعتبرة في الإمام.
وأما الزهد في الدنيا:
فالمعلوم خلافه، من حرمهم عليها وطلبها من غير وجهها، إذ تخلفهم عن أسامة مع وجوب النفوذ معه، والمسارعة إلى السقيفة، وترك رسول الله صلى الله عليه وآله جنازة بين أهله، ومنافسة... (2)، وجعل أفعال الآخرة من السبق والهجرة ذريعة إلى الدنيا، وتعرضهم للأمر مع مناقشة الأنصار فيه، واستحقاق بني هاشم له، واعتقاد كل واحد من الفريقين كونه أولى به منهم، وخوف الشنان من ذلك والفتنة الصماء ينافي الزهد في الدنيا ويحيله، ويدل على قبح الحرص وسوء الطلب.
وأي عاقل يحسن منه دعوى الزهد في الدنيا لمن يحرص على تقلد الأمر على الأمة على هذا الوجه، مع اختلال جميع الصفات فيه على ما بيناه، وعلمه بذلك من نفسه، ويحمل الناس على بيعته طائعين وكارهين، ويخوف بالقتل على التخلف عنه