ويقال: هذه بصيرة من الدم، وهي الجدية (1) منها على الأرض.
والبصيرة: مقدار الدرهم من الدم.
وقيل: البصيرة من الدم: ما لم يسل.
وقيل: هو الدفعة منه.
وقيل: البصيرة: دم البكر.
وقال أبو زيد: البصيرة من الدم: ما كان على الأرض.
وفي البصائر للمصنف: والبصيرة: قطعة من الدم تلمع.
والبصيرة: الترس اللامع، وقيل: ما استطال منه، وكل ما لبس من السلاح فهو بصائر السلاح.
والبصيرة: الدرع، وكل ما لبس جنة بصيرة، وقال:
حملوا بصائرهم على أكتافهم * وبصيرتي يعدو بها عتد وأي هكذا رواه أبو عبيد (2)، وفسره فقال: والبصيرة: الترس أو الدرع، ورواه غيره: " راحوا بصائرهم "، وسيأتي فيما بعد. ويجمع أيضا على بصار، ككريمة وكرام، وبه فسر السهيلي في الروض قول كعب بن مالك:
تصوب بأبدان الرجال وتارة * تمد بأعراض البصار تقعقع يقول: تشق أبدان الرجال حتى تبلغ البصار فتقعقع فيها، وهي الدرع أو الترس، وقيل غير ذلك. ومن المجاز: البصيرة: العبرة يعتبر بها، وخرجوا عليه قوله تعالى: (ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس (3))، أي جعلناها عبرة لهم، كذا في البصائر، وقولهم: أما لك بصيرة فيه؟ أي عبرة تعتبر بها، وأنشد:
في الذاهبين الأولي * ن [من القرون] (4) لنا بصائر أي عبر.
ومن المجاز: البصيرة: الشاهد، عن اللحياني، وحكى: اجعلني بصيرة عليهم، بمنزلة الشهيد قال: وقوله تعالى: (بل الإنسان على نفسه بصيرة (5)) قال ابن سيده: له معنيان، إن شئت كان الإنسان هو البصيرة على نفسه، أي الشاهد، وإن شئت جعلت [البصيرة] (6) هنا غيره، فعنيت به يديه ورجليه ولسانه، لأن كل ذلك شاهد عليه يوم القيامة، وقال الأخفش: (بل الإنسان على نفسه بصيرة) جعله هو البصيرة، كما تقول للرجل: أنت حجة على نفسك. وقال ابن عرفة: (على نفسه بصيرة) أي عليها شاهد بعملها، ولول اعتذر بكل عذر، ويقول: جوارحه بصيرة عليه، أي شهود. وقال الفراء: يقول: على الإنسان من نفسه رقباء يشهدون عليه بعمله، اليدان والرجلان والعينان والذكر، وأنشد:
كأن على ذي الظن (7) عينا بصيرة * بمقعده أو منظر هو ناظره يحاذر حتى يحسب الناس كلهم * من الخوف لا تخفى عليهم سرائره وفي الأساس: اجعلني بصيرة عليهم، أي رقيبا وشاهدا [كقولك: عينا عليهم] (8)، وقال المصنف في البصائر: وقال الحسن: جعله في نفسه بصيرة، كما يقال: فلان جود وكرم، فهنا كذلك، لأن الإنسان ببديهة عقله يعلم أن ما يقربه إلى الله هو السعادة، وما يبعده عن طاعته الشقاوة، وتأنيث البصير لأن المراد بالإنسان ها هنا جوارحه، وقيل: الهاء للمبالغة، كعلامة وراوية.
ومن المجاز: لمح باصر، أي ذو بصر وتحديق، على النسب، كقولهم: رجل تامر ولابن، أي ذو تمر وذو لبن،