غير وارد ولا مسموع، أو قليل أجازه غيره واستدل بحديث: ما في الجنة أعزب ورجلان عزبان ج أعزاب كسبب وأسباب، وهي أي الأنثى عزبة وعزب، محركة فيهما، أي لا زوج لها، نقله القزاز في جامع اللغة.
وقال الزجاج: العزبة بالهاء غلط من أبي العباس، وإنما يقال: رجل عزب وامرأة عزب، لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث، لأنه مصدر، كما تقول: رجل خصم وامرأة خصم، قال الشاعر في صفة امرأة:
إذا العزب الهوجاء بالعطر نافحت * بدت شمس دجن طلة ما تعطر وقال الراجز:
يا من يدل عزبا على عزب * على ابنة الحمارس الشيخ الأزب (1) وفي رواية:
* على فتيت مثل نبراس الذهب * وأشار لمثل ما ذكره الزجاج ابن درستويه، ونقله ابن هشام اللخمي وأبو جعفر اللبلي. قال شيخنا في شرح نظم الفصيح: إن كلام الزجاج ومن تبعه فيه نظر ظاهر. أما أولا فإنه لم يرد كون العزب مصدرا في كتاب، ولا دل عليه شيء من كلام العرب، وإنما قالوا في المصدر: العزبة والعزوبة، بالضم فيهما، وأما ثانيا فإن الظاهر فيه أنه صفة لا مصدر؛ لأن فعلا كما يكون مصدرا عند الصرفيين لفعل المكسور اللازم كالفرح والجذل (2) يكون صفة، كالحسن والبطل، وليس خاصا بأوزان المصدر، وكونه وصفا هو الذي تدل له قوة كلامهم، ويؤيده كونهم أنثوه بالهاء، وهو الذي اقتصر عليه الجوهري نقلا عن الكسائي، والتفرقة في كلامهم دالة عليه، ولو كان مصدرا لذكروه مع المصادر عند عدادها.
وأما ثالثا فإن البيت الذي استدلوا به ليس بنص في المؤنث، لاحتمال كونه ضرورة وكون على بمعنى مع، ثم قال: وعلى تقدير ثبوته مجردا من الهاء، كما حكاه المصنف والقزاز وغيرهما، يكون من الأوصاف التي لم تلحقها الهاء شذوذا، كرجل عانس وامرأة عانس انتهى.
والاسم العزبة والعزوبة، مضمومتين ويقال: إنه لعزب لزب وإنها لعزبة لزبة والفعل منه كنصر عزب يعزب عزوبة فهو عازب وجمعه عزاب. وتعزب بعد التأهل، وتعزب فلان زمانا ثم تأهل، وتعزب الرجل: ترك النكاح وكذلك المرأة.
والعزوب: الغيبة. قال تعالى: (عالم الغيب لا يعزب) (3) أي لا يغيب عن علمه شيء، وفيه لغتان عزب يعزب كينصر ويعزب كيضرب إذا غاب.
والعزوب: الذهاب يقال: عزب عنه يعزب عزوبا، إذا ذهب، وأعزبه الله: أذهبه.
والمعزابة: من طالت عزوبته حتى ماله في الأهل من حاجة ومن يعزب بماشيته. قال الأزهري: وليس في الصفات مفعالة غير هذه الكلمة. قال الفراء: ما كان من مفعال كان مؤنثه بغير هاء؛ لأنه انعدل عن النعوت انعدالا أشد من صبور وشكور وما أشبههما مما لا يؤنث، ولأنه شبه بالمصادر لدخول الهاء فيه. يقال: امرأة محماق ومذكار ومعطار. قال الأزهري: وقد قيل مجذامة إذا كان قاطعا للأمور، جاء على غير قياس وإنما زادوا فيه الهاء لأن العرب تدخل الهاء في المذكر على جهتين: إحداهما المدح، والأخرى الذم إذا بولغ في الوصف والمعزابة دخلتها الهاء للمبالغة، وهو عندي الرجل [الذي] (4) يكثر النهوض في ماله العزيب يتتبع مساقط الغيث، وأنف الكلإ، وهو مدح بالغ على هذا المعنى كالمعزاب بإسقاط الهاء. يقال عزب الرجل بإبله إذا رعاها بعيدا من الدار التي حل بها الحي لا يأوي إليهم، فهو معزاب ومعزابة، وكل منفرد عزب، والمعزاب من الرجال أيضا: الذي تعزب عن أهله في ماله. قال أبو ذؤيب:
إذا الهدف المعزاب صوب رأسه * وأعجبه ضفو من الثلة الخطل