وقد تقدم أنه من رواية شمر عن أبي زيد.
وروي أيضا ظربى، الراء جزم وروى أيضا ظرباء، بكسرهما على فعلاء ممدود. وقال أبو الهيثم:
هو الظربى مقصور، والظرباء ممدود لحن، وأنشد قول الفرزدق:
فكيف تكلم الظربى عليها * فراء اللؤم أربابا غضابا قال: والظربى [جمع] (1) على غير معنى التوحيد. قال أبو منصور: وقال الليث: هو الظربى مقصور كما قال أبو الهيثم، وهو الصواب: اسمان للجمع وقال عبد الله بن حجاج الزبيدي التغلبي:
ألا أبلغا قيسا وخندف أنني * ضربت كثيرا مضرب الظربان يعني كثير بن شهاب المذحجي. وقوله: مضرب الظربان أي ضربته في وجهه، وذلك أن للظربان خطا في وجهه، فشبه ضربته في وجهه (2) بالخط الذي في وجه الظربان، ومن رواه: ضربت عبيدا، فليس هو لعبد الله بن حجاج، وإنما هو لأسد بن ناعصة، وهو الذي قتل عبيدا (3) بأمر النعمان والبيت:
ألا أبلغا فتيان دودان أنني * ضربت عبيدا مضرب الظربان غداة توخى الملك يلتمس الحيا * فصادف نحسا كان كالدبران وقال الأزهري: جمع الظربان الظربى، وقيل: الظربى (4) الواحد، وجمعه ظربان أي بكسر فسكون. وعن ابن سيده: والجمع ظرابين وظرابي الياء [الأولى] (5) بدل من الألف، والثانية بدل من النون، والقول فيه كالقول في إنسان، وسيأتي ذكره. وقال الجوهري: الظربى، على فعلى، جمع مثل حجلى جمع حجل (6)، قال الفرزدق:
وما جعل الظربى القصار أنوفها * إلى الطم من موج البحار الخضارم وربما جمع على ظرابي كأنه جمع ظرباء (7)، وقال:
وهل أنتم إلا ظرابي مذحج * تفاسى وتستنشي بآنفها الطخم ويشتم به الرجل فيقال: يا ظربان. ونقل شيخنا عن أبي حيان: ليس لنا جمع على فعلى، بالكسر، غير هذين اللفظين (8).
ويقال: إن أبا الطيب المتنبي لقي أبا علي الفارسي فقال له: كم لنا من الجموع على فعلى، بالكسر، فقال أبو الطيب بديهة: حجلى وظربى، لا ثالث لهما. فما زال أبو علي يبحث: هل يستدرك عليه ثالثا، وكان رمدا فلم يمكن له ذلك حتى قيل: إنه مع كثرة المراجعة ورمد عينيه آل به الأمر إلى ضعف بصره، ويقال: إنه عمي بسب ذلك. والله أعلم. ثم قال، وهي من الغرائب الدالة على معرفة أبي الطيب وسعة اطلاعه، رحم الله الجميع.
ويقال: فسا بينهم الظربان، أي تقاطعوا (9) قاله الجوهري. ويقال أيضا تشاتما فكأنما جزرا بينهما ظربانا. شبهوا فحش تشاتمهما بنتن الظربان. وقالوا: هما يتنازعان جلد الظربان أي يتسابان، فكأن بينهما جلد ظربان يتناولانه ويتجاذبانه. وعن ابن الأعرابي وهما يتماشنان جلد الظربان، أي يتشاتمان. والمشن: مسح اليدين بالشيء الخشن.
ومن أمثالهم المشهورة: أفسى من الظربان. ذكره الميداني في مجمع الأمثال، والزمخشري في المستقصى، وغيرهما، قالوا لأنها إذا فست في ثوب لا تذهب رائحته حتى يبلى الثوب، كذا زعم الأعراب.