تاج العروس - الزبيدي - ج ٢ - الصفحة ١٩٥
وقد تقدم أنه من رواية شمر عن أبي زيد.
وروي أيضا ظربى، الراء جزم وروى أيضا ظرباء، بكسرهما على فعلاء ممدود. وقال أبو الهيثم:
هو الظربى مقصور، والظرباء ممدود لحن، وأنشد قول الفرزدق:
فكيف تكلم الظربى عليها * فراء اللؤم أربابا غضابا قال: والظربى [جمع] (1) على غير معنى التوحيد. قال أبو منصور: وقال الليث: هو الظربى مقصور كما قال أبو الهيثم، وهو الصواب: اسمان للجمع وقال عبد الله بن حجاج الزبيدي التغلبي:
ألا أبلغا قيسا وخندف أنني * ضربت كثيرا مضرب الظربان يعني كثير بن شهاب المذحجي. وقوله: مضرب الظربان أي ضربته في وجهه، وذلك أن للظربان خطا في وجهه، فشبه ضربته في وجهه (2) بالخط الذي في وجه الظربان، ومن رواه: ضربت عبيدا، فليس هو لعبد الله بن حجاج، وإنما هو لأسد بن ناعصة، وهو الذي قتل عبيدا (3) بأمر النعمان والبيت:
ألا أبلغا فتيان دودان أنني * ضربت عبيدا مضرب الظربان غداة توخى الملك يلتمس الحيا * فصادف نحسا كان كالدبران وقال الأزهري: جمع الظربان الظربى، وقيل: الظربى (4) الواحد، وجمعه ظربان أي بكسر فسكون. وعن ابن سيده: والجمع ظرابين وظرابي الياء [الأولى] (5) بدل من الألف، والثانية بدل من النون، والقول فيه كالقول في إنسان، وسيأتي ذكره. وقال الجوهري: الظربى، على فعلى، جمع مثل حجلى جمع حجل (6)، قال الفرزدق:
وما جعل الظربى القصار أنوفها * إلى الطم من موج البحار الخضارم وربما جمع على ظرابي كأنه جمع ظرباء (7)، وقال:
وهل أنتم إلا ظرابي مذحج * تفاسى وتستنشي بآنفها الطخم ويشتم به الرجل فيقال: يا ظربان. ونقل شيخنا عن أبي حيان: ليس لنا جمع على فعلى، بالكسر، غير هذين اللفظين (8).
ويقال: إن أبا الطيب المتنبي لقي أبا علي الفارسي فقال له: كم لنا من الجموع على فعلى، بالكسر، فقال أبو الطيب بديهة: حجلى وظربى، لا ثالث لهما. فما زال أبو علي يبحث: هل يستدرك عليه ثالثا، وكان رمدا فلم يمكن له ذلك حتى قيل: إنه مع كثرة المراجعة ورمد عينيه آل به الأمر إلى ضعف بصره، ويقال: إنه عمي بسب ذلك. والله أعلم. ثم قال، وهي من الغرائب الدالة على معرفة أبي الطيب وسعة اطلاعه، رحم الله الجميع.
ويقال: فسا بينهم الظربان، أي تقاطعوا (9) قاله الجوهري. ويقال أيضا تشاتما فكأنما جزرا بينهما ظربانا. شبهوا فحش تشاتمهما بنتن الظربان. وقالوا: هما يتنازعان جلد الظربان أي يتسابان، فكأن بينهما جلد ظربان يتناولانه ويتجاذبانه. وعن ابن الأعرابي وهما يتماشنان جلد الظربان، أي يتشاتمان. والمشن: مسح اليدين بالشيء الخشن.
ومن أمثالهم المشهورة: أفسى من الظربان. ذكره الميداني في مجمع الأمثال، والزمخشري في المستقصى، وغيرهما، قالوا لأنها إذا فست في ثوب لا تذهب رائحته حتى يبلى الثوب، كذا زعم الأعراب.

(1) زيادة عن اللسان.
(2) وكان كثير واليا لمعاوية على خراسان فاحتاز مالا وهرب فاستتر عند هانئ بن عروة المرادي فأخذه من عنده وقتله.
(3) يريد عبيد بن الأبرص الشاعر الجاهلي الذي قتله النعمان بن المنذر وقد وقد عليه في يوم بؤسه.
(4) عن اللسان، وبالأصل " الظربان ".
(5) زيادة عن اللسان.
(6) الصحاح واللسان، وضبط المطبوعة الكويتية: حجل.
(7) مثل حرباء وحرابي.
(8) يعني: حجلى وظربى.
(9) ولذلك تسميه العرب مفرق النعم لأنه إن دخل في قطار الجمال وضرط فرقها لنتن ضرطته.
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست