السببية، وحق الفعل أن ينتصب بعد فاء السببية، لكنه إنما انتصب 1، على تشبيها بفاء السببية كما يجئ.
وإنما قلنا إن الفاء بهذا المعنى ليست للسببية، لأن قولك، إن أتيتني حدثتني، مخالف في المعنى لقولك: تأتيني ولا تحدثني، بل إنما يعطي هذه الفائدة، معنى فاء العطف الصرف: إما عاطفة للاسم على الاسم نحو: ما كان منك إتيان فحديث، على ما يؤولون به مثل هذا المنصوب، وإما عاطفة للفعل على الفعل نحو: ما تأتيني فتحدثني بالرفع، فيكون النفي في الموضعين شيئا واحدا واقعا على المعطوف والمعطوف عليه معا، فيكون المجموع المقيد بقيد تعقب الحديث إياه منفيا، والمركب من جزأين، ينتفي بانتفاء جزأيه معا، وبانتفاء كل واحد من جزأيه، أيضا، فعلى الأول، يكون المعنى ليس منك إتيان ولا حديث معه.
ويجوز أن يكون قوله تعالى: (ولا يؤذن لهم فيعتذرون 2)، بهذا المعنى.
وعلى نفيك الجزء الثاني فقط يكون المعنى: منك إتيان، لكن لا حديث بعده، ومنه قول علي رضي الله عنه في نهج البلاغة 3: (لا يخرج لكم من أمري رضى فترضونه ولا سخط فتجتمعون عليه).
ولا يجوز أن يبقى الأول فقط، لأن الحديث الذي يكون بعد الإتيان، لا يكون من دون الإتيان، بلى، إن جعلت ما بعد الفاء على القطع والاستئناف، لا معطوفا على الفعل الأول، جاز هذا المعنى، فيكون المراد: ما تأتينا، فأنت تحدثنا بما يحدث به الجاهل بحالنا، كما قال:
651 - غير أنا لم تأتنا بيقين * فنرجي ونكثر التأميلا ،