وكل ما هو بمعنى الخبر، ففيه معنى التعجب، فمعنى هيهات، أي ما أبعده، وشتان، أي ما أشد الافتراق، وسرعان، ووشكان، أي: ما أسرعه، وبطآن أي ما أبطأه، والتعجب هو التأكيد المذكور، وكلها بلا علامة للمضمر المرتفع بها، وبروزه في شئ منها دليل فعليته، وأنه ليس منها، كهلم، وهيهات، على ما يجيئ، وليس لحاق كاف الخطاب، ولا التنوين في جميع هذه الأسماء قياسا، بل سماع فيقتصر على المسموع، فنقول:
الكاف إذا اتصل بهذه الأسماء، نظر، فإما أن يكون متصلا بما هو ظرف، أو حرف جر في الأصل، نحو: أمامك وإليك، أو، لا، فهو في الأول اسم مجرور، نظرا إلى أصله، وفي الثاني ينظر، فإن كان الاسم الذي اتصل به كاف الخطاب مما جاء مصدرا مضافا، واسم فعل معا، نحو: رويد زيد، وزيدا، احتمل أن يكون الكاف اسما مجرورا نظرا إلى كون الاسم مصدرا مضافا إلى فاعله، وأن يكون حرف خطاب نظرا إلى كون الاسم اسم فعل، نحو: رويدك زيدا، وإن لم يجز كون الكاف مضافا إليه فهو حرف، كما في: هاك، إذ لم يأت: هازيد، بالإضافة، كما جاء في: رويد زيد، ومثله:
النجاءك، وإن لم يكن اسم فعل، على ما ذهبنا إليه، وقال الفراء: الكاف في جميعها: مرفوع لكونه في مكان الفاعل، وليس بشئ، لأنا نعرف أن الكاف في: عليك وإليك ودونك، هو الذي كان قبل نقل هذه الألفاظ إلى معنى الفعل، وقد كان مجرورا، بلى، يمكن دعوى ذلك في نحو: حيهلك، وهاك، لأن الكاف لم يثبت مع هذين الاسمين قبل صيرورتهما اسمي فعل، مع أن وضع بعض الضمائر موضع بعض خلاف الأصل، وينبغي له أن يقول إن في نحو: رويد، وها، مجردين عن الكاف، ضميرا مستترا كما في: اضرب، ولا يقول بحذف الكاف، لأن الفاعل لا يحذف، وقال الكسائي، الكاف في الجميع منصوب، وهو أضعف، لأن المنصوب قد يجيئ بعدها صريحا، نحو: رويدك زيدا وعليك زيدا،