والمانع نظر إلى زوال العلمية بالتثنية والجمع، كما يجيئ في باب العلم، ثم نقول: إذا حكى ما بعد (من)، فمن مرفوع الموضع بالابتداء، فإن كان ما بعده مرفوعا، فهو على الحكاية، لا على أنه خبره، بل الرفع الذي يكون لأجل الخبرية مقدر فيه، وإن كان مجرورا أو منصوبا، فهو مرفوع الموضوع على الخبرية، فالكل معرب مرفوع الموضع، تعذر إعرابه 1 لاشتغال محل الأعراب بحركة مجلوبة للحكاية، كما ذكرنا في أول الكتاب، وقيل إن ما بعد (من) في الأحوال 2، معمول لعامل محذوف، كما مر في (أي)، وهو ضعيف، لما مر هناك، 3 وقد جاء حذف العلم بعد (من)، وإثبات علامة الحكاية فيها، قيل: خلف دار عبد الله، فقال السامع: دار مني، وأما بنو تميم، فإنهم سلكوا بالعلم في الاستفهام عنه بمن، مسلك غيره من الأسماء، فأتوا به مرفوعا على كل حال بالابتداء جريا على القياس، وأما إذا سألت بأي عن المعارف، فلا خلاف بينهم في أن ما بعدها لا يحكي، فإذا قيل: رأيت زيدا، ومررت بزيد، قلت: أي زيد، بالرفع لا غير لأن الأعراب يظهر في (أي) فكرهوا أن يخالفه الثاني، بخلاف: من زيدا، ومن زيد، هذا، وربما حكى بعض العرب الاسم، علما كان أو غيره، دون سؤال، أيضا، كما قال بعضهم: دعنا من تمرتان، على حكاية قول من قال: ما عندنا تمرتان، قال سيبويه: سمعت أعرابيا يقول لرجل سأله، فقال: أليس قرشيا، فقال: ليس بقرشيا 4،
(٧٩)