شرح الرضي على الكافية - رضي الدين الأستراباذي - ج ٣ - الصفحة ٢٢٧
وأما سحر، فأمره مشكل، سواء قلنا ببنائه أو بترك صرفه، لأنه مخالف لأخواته، من: صباحا، ومساء، وضحى، معينة، إذ هي معربة منصرفة، فهو شاذ من بين أخواته، مبنيا كان أو غير منصرف، وإنما لم يبنوا (غدا) مع قصد غد يوم التكلم، كما بني أمس، تفضيلا لتعريف الداخل في الوجود على تعريف المقدر وجودة، وذلك لأن التعريف فرع الوجود، ووجوده ذهني، فكذا تعريفه، بخلاف (أمس) فإنه قد حصل له وجود، وإن كان منتفيا في حال التكلم، فتعريفه يكون أقوى، مع أنه قد روي عن بعض العرب إعرابه مع صرفه، كغد، وليست 1 بمشهورة، وأما بنو تميم، فالذي نقل عنهم سيبويه 2: إعرابه غير منصرف في حال الرفع، وبناؤه على الكسر، كالحجازيين، في حالتي النصب والجر، قال سيبويه: وبعض بني تميم يفتحون أمس بعد (مذ)، قال السيرافي: وإنما فعلوا ذلك، لأنهم تركوا صرفه، وما بعد (مذ) يرفع ويخفض، فلما ترك صرفه من يرفع منهم، نحو: مذ أمس، تركه أيضا بعدها من يجر، فكان مشبها بنفسه، قال:
510 - لقد رأيت عجبا مذ أمسا * عجائزا مثل السعالى خمسا 3 قال: وهذا قليل، لأن الخفض بعد (مذ) قليل،

(1) أي اللغة التي تشير إليها الرواية عن بعض العرب، (2) في ج 2 ص 42 (3) من شواهد سيبويه، 2 / 44، وهو من رجز أورده أبو زيد في النوادر، قال سمعته من بعض العرب، وبعده:
يأكلن ما في رحلهن همسا * لا ترك الله لهن ضرسا وزاد بعضهم فيه، وقال البغدادي بعد أن أفاض في شرح الشاهد ونقل كثيرا مما كتبه عن سيبويه: إن الشاهد من الشواهد الخمسين التي لم يعرف لها قائل،
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»
الفهرست