وكان القياس، بناء على هذا الوجه الأخير، أعني أن أصله: هيهية، ألا يوقف عليه إلا بالهاء، وإنما يوقف عليه بالتاء في الأكثر، تنبيها على التحاقها بقسم الأفعال من حيث المعنى، فكانت تاؤها مثل تاء: (قامت)، وهذا الوجه أولى من الوجه الأول، وأيضا، 1 من جعل الألف والتاء زائدتين، لأن باب: قلقال أكثر من باب: سلس، وببر، ومنها: شتان، بمعنى افترق، مع تعجب، أي: ما أشد الافتراق، فيطلب فاعلين فصاعدا، كافترق، نحو: شتان زيد وعمرو، وقد تزاد بعده (ما) نحو: شتان ما زيد وعمرو، وقد يقال في غير الأكثر الأفصح: شتان ما بين زيد وعمر، قال ربيعة الرقي، 453 - لشتان ما بين اليزيدين في الندى * يزيد سليم والأغر ابن حاتم 2 وأنكره الأصمعي وقال: الشعر لمولد، وذلك بناء على مذهبه، وهو أن شتان، مثنى (شت) وهو المتفرق، وهو خبر لما بعده، وموهمه شيئان: أحدهما لغة في شتان وهي كسر النون، والثاني أن المرفوع بعده لا يكون إلا مثنى أو ما هو بمعنى المثنى، ولا يكون جمعا، ولو كان بمعنى افترق لجاز وقوع الجمع فاعلا له، واللغة الفصحي، وهي فتح النون تبطل مذهبه، وأيضا، لو كان خبرا لجاز تأخيره عن المبتدأ، إذ لا موجب لتقدمه، ولم يسمع متأخرا، وكان ينبغي ألا يجوز: شتان ما بينهما بناء على المذهب المشهور، أيضا، وهو أن شتان بمعنى افترق، لأن لفظ (ما) لا يصلح ههنا أن يكون عبارة عن شيئين والمعنى: افترق الحالان اللذان بينهما، إذ لا يقال:
بين زيد وعمرو حالتان: بخل وجود، مثلا، على معنى أن إحدى الخصلتين مختصة بأحدهما والأخرى بالآخر، كما يقال في الأعيان بيني وبينك نهران، مع أن يكون أحد النهرين بجنب أحدهما، والآخر بجنب الآخر، بل لا يقال في المعاني: بينهما شئ أو