فقالت: يا بني، أتريد أن تخرج؟ فقال لها: يا أمه، أريد أن أخرج إلى العراق.
فقالت: إني أذكرك الله تعالى أن تخرج إلى العراق. قال: ولم ذلك يا أمه؟
قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " يقتل ابني الحسين بالعراق، وعندي يا بني؟ تربتك في قارورة مختومة دفعها إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ".
فقال: يا أماه، والله إني لمقتول، وإني لا أفر من القدر والمقدور، والقضاء المحتوم، والأمر الواجب من الله تعالى.
فقالت: وا عجباه، فأين تذهب وأنت مقتول؟
فقال: يا أمه، إن لم أذهب اليوم ذهبت غدا، وإن لم أذهب غدا لذهبت بعد غد، وما من الموت - والله يا أمه - بد، وإني لأعرف اليوم والموضع الذي أقتل فيه، والساعة التي أقتل فيها، والحفرة التي أدفن فيها، كما أعرفك، وأنظر إليها كما أنظر إليك.
قالت: قد رأيتها؟! قال: إن أحببت أن أريك مضجعي ومكاني ومكان أصحابي فعلت. فقالت: قد شئتها.
فما زاد أن تكلم بسم الله، فخفضت له الأرض حتى أراها مضجعه، ومكانه ومكان أصحابه، وأعطاها من تلك التربة، فخلطتها مع التربة التي كانت عندها، ثم خرج الحسين (عليه السلام)، وقد قال لها: إني مقتول يوم عاشوراء (1).