أربعة آلاف ممن كانوا موكلين بالفرات، ورموه بالنبال فكشفهم وقتل منهم على ما روى ثمانين رجلا حتى دخل الماء.
فلما أراد أن يشرب غرفة من الماء، ذكر عطش الحسين وأهل بيته، فرمى الماء وملأ القربة وحملها على كتفه الأيمن، وتوجه نحو الخيمة، فقطعوا عليه الطريق وأحاطوا به من كل جانب، فحاربهم حتى ضربه نوفل الأزرق على يده اليمنى فقطعها، فحمل القربة على كتفه الأيسر فضربه نوفل فقطع يده اليسرى من الزند، فحمل القربة بأسنانه فجاءه سهم فأصاب القربة وأريق ماؤها، ثم جاءه سهم آخر فأصاب صدره، فانقلب عن فرسه وصاح إلى أخيه الحسين: أدركني، فلما أتاه رآه صريعا فبكى وحمله إلى الخيمة.
ثم قالوا: ولما قتل العباس، قال الحسين (عليه السلام): الآن انكسر ظهري وقلت حيلتي (1).
[288] - 195 - قال الإصبهاني:
وبان الإنكسار في جبينه * فاندكت الجبال من جنينه وكيف لا وهو جمال بهجته * وفي محياه سرور مهجته كافل أهله وساقي صبيته * وحامل اللواء بعالي همته واحدة لكنه كل القوى * وليث غابة بطف نينوا ناح على أخيه نوح الثكلى * بل النبي في الرفيق الأعلى وانشقت السماء وامطرت دما * فما أجل رزئه وأعظما بكاه كالهطال حزنا والده * وكيف لا وبان منه ساعده بكاه صنوه الزكي المجتبى * وكيف لا ونور عينه خبا ناحت بنات الوحي والتنزيل * عليه مذ أمست بلا كفيل