إن ربي على صراط مستقيم) (1).
اللهم احبس عنهم قطر السماء، وابعث عليهم سنين كسني يوسف، وسلط عليهم غلام ثقيف يسقيهم كأسا مصبرة؛ فلا يدع فيهم أحدا، قتلة بقتلة، وضربة بضربة، ينتقم لي ولأوليائي وأهل بيتي وأشياعي منهم، فإنهم غرونا وكذبونا وخذلونا، وأنت ربنا، عليك توكلنا، وإليك أنبنا، وإليك المصير.
ثم قال (عليه السلام): أين عمر بن سعد؟ أدعو لي عمر. فدعى له، وكان كارها لا يحب أن يأتيه، فقال: يا عمر أنت تقتلني وتزعم أن يوليك الدعي ابن الدعي بلاد الري وجرجان؟ والله لا تتهنأ بذلك أبدا، عهد معهود، فاصنع ما أنت صانع، فإنك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة، وكأني برأسك على قصبة قد نصب بالكوفة، يتراماه الصبيان ويتخذونه غرضا بينهم.
فغضب عمر بن سعد من كلامه، ثم صرف وجهه عنه، ونادى بأصحابه: ما تنظرون به؟ احملوا بأجمعكم، إنما هي أكلة واحدة. ثم إن الحسين (عليه السلام) دعا بفرس رسول الله (صلى الله عليه وآله) المرتجز، فركبه وعبأ أصحابه، وزحف عمر بن سعد فنادى غلامه دريدا (2): قدم رأيتك يا دريد. ثم وضع سهمه في كبد قوسه، ثم رمى به وقال:
اشهدوا لي عند الأمير أني أول من رمى. فرمى أصحابه كلهم بأجمعهم في أثره رشقة واحدة، فما بقي من أصحاب الحسين أحد إلا أصابه من رميتهم سهم (3).