فقال له الحسين: قد أذنت لك. فخرج إليهم حبيب من معسكر الحسين في جوف الليل متنكرا حتى صار إليها فحياهم وحيوه وعرفوه، فقالوا له: ما حاجتك يا ابن عم؟ قال حاجتي إليكم إني قد أتيتكم بخير ما أتى به وافد إلى قوم قط، أتيتكم أدعوكم إلى نصرة ابن بنت نبيكم فإنه في عصابة من المؤمنين، الرجل منهم خير من ألف رجل، لن يخذلوه ولن يسلموه وفيهم عين تطرف؛ وهذا عمر بن سعد قد أحاط به في اثنين وعشرين ألفا وأنتم قومي وعشيرتي وقد أتيتكم بهذه النصيحة، فأطيعوني اليوم تنالوا شرف الدنيا وحسن ثواب الآخرة، فإني أقسم بالله، لا يقتل منكم رجل مع ابن بنت رسول الله صابرا محتسبا إلا كان رفيق محمد (صلى الله عليه وآله) في أعلى عليين، فقام رجل من بني أسد يقال له: عبد الله بن بشر (1)، فقال: أنا أول من يجيب إلى هذه الدعوة ثم جعل يرتجز ويقول:
قد علم القوم إذا تناكلوا * وأحجم الفرسان إذ تناضلوا أني الشجاع البطل المقاتل * كأنني ليث عرين باسل ثم بادر رجال الحي إلى حبيب وأجابوه فالتأم منهم تسعون رجلا وجاؤا مع حبيب يريدون الحسين فخرج رجل من الحي يقال [له]: فلان بن عمرو حتى صار إلى عمر بن سعد في جوف الليل فأخبره بذلك فدعا عمر برجل من أصحابه يقال له: الأزرق بن الحارث الصدائي (2) فضم إليه أربع مائة فارس ووجه به إلى حي بني أسد مع ذلك الذي جاء بالخبر فبينا أولئك القوم من بني أسد قد أقبلوا في جوف الليل مع حبيب يريدون عسكر الحسين إذ استقبلتهم خيل ابن سعد على شاطئ الفرات وكان بينهم وبين معسكر الحسين اليسير، فتناوش الفريقان واقتتلوا فصاح