فقال (عليه السلام): إن الله عز وجل لم يطع بإكراه، ولم يعص بغلبة، ولم يهمل العباد في ملكه، وهو المالك لما ملكهم، والقادر على ما أقدرهم عليه، فإن ائتمر العباد بالطاعة لم يكن الله عنها صادا، ولا منها مانعا، وإن ائتمروا بمعصيته فشاء أن يحول بينهم وبين ذلك فعل، فإن لم يحل وفعلوه فليس هو الذي أدخلهم فيها.
ثم قال (عليه السلام): من يضبط حدود هذا الكلام، فقد خصم من خالفه (1).
5 - وعن يزيد بن عمير الشامي، أنه قال: دخلت على علي بن موسى الرضا (عليه السلام) بمرو، فقلت له: يا بن رسول الله، روي لنا عن الصادق جعفر بن محمد، أنه قال: " لا جبر ولا تفويض، بل أمر بين الأمرين "، ما معنى ذلك؟
فقال: من زعم أن الله يفعل أفعالنا ثم يعذبنا عليها فقد قال بالجبر، ومن زعم أن الله فوض أمر الخلق والرزق إلى حججه فقد قال بالتفويض، والقائل بالجبر كافر، والقائل بالتفويض مشرك.
فقلت: يا ابن رسول الله، فما أمر بين الأمرين؟
فقال: وجود السبيل إلى إتيان ما أمروا به، وترك ما نهوا عنه.
فقلت: وهل لله مشيئة وإرادة في ذلك؟
فقال: أما الطاعات فإرادة الله ومشيئته فيها الأمر بها والعون عليها، وإرادته ومشيئته في المعاصي النهي عنها والسخط لها والخذلان عليها.
قلت: فلله عز وجل فيها القضاء؟
قال: نعم، ما من فعل يفعله العباد من خير أو شر إلا ولله فيه قضاء.