فقال المأمون: لله درك يا أبا الحسن، فأخبرني عن قول الله عز وجل:
﴿حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا﴾ (١).
قال الرضا (عليه السلام): يقول الله عز وجل: حتى إذا استيأس الرسل من قومهم، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوا، جاء الرسل نصرنا.
فقال المأمون: لله درك يا أبا الحسن، فأخبرني عن قول الله عز وجل:
﴿ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر﴾ (٢).
قال الرضا (عليه السلام): لم يكن أحد عند مشركي أهل مكة أعظم ذنبا من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لأنهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاثمائة وستين صنما، فلما جاءهم (صلى الله عليه وآله) بالدعوة إلى كلمة الإخلاص كبر ذلك عليهم وعظم، وقالوا: ﴿أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب * وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد * ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق﴾ (٣).
فلما فتح الله عز وجل على نبيه (صلى الله عليه وآله) مكة قال له: يا محمد ﴿إنا فتحنا لك فتحا مبينا * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر﴾ (4) عند مشركي أهل مكة بدعائك إلى توحيد الله فيما تقدم وما تأخر، لأن مشركي مكة أسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكة، ومن بقي منهم لم يقدر على إنكار التوحيد عليه إذا دعا الناس إليه، فصار ذنبه عندهم في ذلك مغفورا بظهوره عليهم.