(جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك) يقول رجعت إلى معرفتي بك عن جهل قومي (وأنا أول المؤمنين) منهم بأنك لا ترى.
فقال المأمون: لله درك يا أبا الحسن، فأخبرني عن قول الله عز وجل ﴿ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه﴾ (١).
فقال الرضا (عليه السلام): لقد همت به، ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها كما همت به، لكنه كان معصوما، والمعصوم يهم بذنب ولا يأتيه، ولقد حدثني أبي، عن أبيه الصادق (عليه السلام) أنه قال: همت بأن تفعل، وهم بأن لا يفعل.
فقال المأمون: لله درك يا أبا الحسن، فأخبرني عن قول الله عز وجل: (وذا النون إذ ذهب مغاضبا) الآية.
فقال الرضا (عليه السلام): ذاك يونس بن متى (عليه السلام) ذهب مغاضبا لقومه (فظن) بمعنى استيقن (أن لن نقدر عليه) أي لن نضيق عليه رزقه، ومنه قوله عز وجل:
﴿وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه﴾ (٢) أي ضيق وقتر (فنادى في الظلمات) أي ظلمة الليل وظلمة بطن الحوت ﴿أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين﴾ (٣) بتركي مثل هذه العبادة التي قد فرغتني لها في بطن الحوت. فاستجاب الله تعالى له، وقال عز وجل: ﴿فلولا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلى يوم يبعثون﴾ (4).