مفرق أربع طرق، وأقام سليمان المنادين ينادون: ألا من أراد أن يرى الطيب ابن الطيب موسى بن جعفر فليخرج، وحضر الخلق، وغسل وحنط بحنوط فاخر، وكفنه سليمان بكفن فيه حبرة ثمنها خمسمائة دينار عليها القرآن كله، واحتفى ومشى في جنازته متسلبا مشقوق الجيب إلى مقابر قريش فدفنه هناك (1).
يقول المؤلف: هذه الفذلكة السياسية من سليمان بن المنصور أراد بها تهدئة خواطر الشيعة الثائرة، وهي من باب ذر الرماد في أعين الناس، وتطييب الخواطر، وصمام أمان يحد من ثورة المؤمنين من الموالين لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) على الحكم القائم حيث كان شيعة أهل البيت (عليهم السلام) يسكنون بغداد بأعداد هائلة.
خبر المسيب بن زهير:
روى الصدوق بالإسناد عن عمر بن واقد، قال: ثم إن سيدنا موسى ابن جعفر (عليه السلام) دعا بالمسيب، وذلك قبل وفاته بثلاثة أيام، وكان موكلا به، فقال:
يا مسيب، فقال: لبيك يا سيدي. قال: إني ظاعن في هذه الليلة إلى المدينة مدينة جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأعهد إلى ابني علي بن موسى الرضا بما عهد إلي أبي جعفر، وأجعله وصيي وخليفتي وآمره بأمري.
فقال المسيب: كيف تأمرني يا مولاي أن أفتح لك الأبواب وأقفالها مغلقة، والحرس على الأبواب؟
فقال (عليه السلام): يا مسيب، أضعف يقينك في الله تعالى وفينا؟ قلت: لا يا سيدي.
قال: قم. قلت: يا سيدي، ادع الله أن يثبتني. فقال (عليه السلام): اللهم ثبته.