خلص الشيعة يعرفون الإمام (عليه السلام):
رغم حالة التكتم وشدة التقية في ظروف البطش والتنكيل العباسي، فإن خاصة الشيعة يعرفون الإمام (عليه السلام) من علامات وأمارات شاهدوها في آبائه (عليهم السلام)، بل وفسروا أيضا المغزى من وصية الصادق (عليه السلام) لخمسة أشخاص أو لثلاثة كما في بعض الروايات، هذا فضلا عن أنهم يسألون ويمتحنون ولا يسلمون أو يقطعون إلا بعد التحري والبحث الشديدين.
ففي حديث أبي جعفر النيسابوري المتقدم آنفا، قال: وسرت إلى المدينة، وجعلت رحلي في بعض الخانات، وقصدت مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وزرته وصليت، ثم خرجت وسألت أهل المدينة: إلى من أوصى جعفر بن محمد؟ فقالوا:
إلى ابنه الأفطح عبد الله. فقلت: هل يفتي؟ قالوا: نعم.
فقصدته وجئت إلى باب داره، فوجدت عليها من الغلمان ما لم يوجد على باب دار أمير البلد، فأنكرت، ثم قلت: الإمام لا يقال له: لم وكيف؟
فاستأذنت، فدخل الغلام وخرج، وقال: من أين أنت؟ فأنكرت وقلت: والله ما هذا بصاحبي، ثم قلت: لعله من التقية. فقلت: قل: فلان الخراساني.
فدخل وأذن لي، فدخلت فإذا به جالس في الدست (1) على منصة عظيمة، وبين يديه غلمان قيام، فقلت في نفسي: ذا أعظم، الإمام يقعد في الدست؟!
ثم قلت: هذا أيضا من الفضول الذي لا يحتاج إليه، يفعل الإمام ما يشاء، فسلمت عليه، فأدناني وصافحني وأجلسني بالقرب منه، وسألني فأحفى (2).