يقدم للأمة الأطروحة العملية في مواجهة الظلم ومقاومة نفوذه بما يتفق وظروف تلك المرحلة وبما ينسجم مع مسؤولياته الرسالية في النصح للأمة وتسديدها عند اشتباه الحق والتباس معالم الهدى والصلاح، وعلى الأمة بعد هذا أن تختار لنفسها المصير الذي تشاء، فأما الاستجابة والعمل وبذلك تنتصر لرسالتها وحقها في الحياة الكريمة، وإما الرضا والخنوع للواقع المعاش، وبذلك تكون قد فرضت على نفسها أن تعيش بعيدا عن رسالتها تحت ظل القمع والظلم والإرهاب.
موقف السلطة من الإمام لقد عانى الإمام الكاظم (عليه السلام) من تجاوزات الحكم وتصرفاته الحاقدة، ولم يكن ثمة ما يبرر كل تلك التجاوزات والتصرفات سوى قلق رؤوس السلطة وأزلامهم من وجود الإمام نفسه بما يتمتع به من سمو شخصيته العلمية والروحية الفذة، التي تمتاز بالنزاهة والأصالة وعمق الإيمان في مختلف الأوساط العامة.
ويحاول الرشيد بما يمتلك من مخطط تصفوي أن يفتعل الأعذار والمبررات للوقيعة بالإمام والتخلص منه حتى لا يواجه الأمة بالجريمة دون أن يكون لها ما يستدعيها، وكان الإمام (عليه السلام) يتصدى لمحاولات التصفية بالصبر وكظم الغيظ.
لقد استدعي الإمام (عليه السلام) ولأكثر من مرة إلى بغداد في زمان المهدي ومن بعده في زمان الرشيد وذلك لتقليص نفوذه في الأمة وعزله بعيدا عن وجدانها وتفكيرها.
فحينما يشعر الآخرون بالرقابة تفرض على الإمام بقوة، والملاحقة تستمر بعنف لا يسعهم انسجاما مع حب السلامة والعافية إلا أن يقلصوا من ارتباطهم به ويحدوا من ممارساتهم العادية معه (عليه السلام).