فقال له أبو الحسن (عليه السلام): إن هذا الذي أمكن علي بن الحسين (عليه السلام) أن يأتي كربلاء فيلي أمر أبيه، فهو يمكن صاحب هذا الأمر أن يأتي بغداد فيلي أمر أبيه، ثم ينصرف وليس في حبس ولا في أسار... (1).
ويدل عليه أيضا ما رواه الكليني (رحمه الله) بالإسناد عن مسافر مولى أبي الحسن (عليه السلام)، قال: أمر أبو إبراهيم (عليه السلام) حين أخرج به أبا الحسن الرضا (عليه السلام) أن ينام على بابه في كل ليلة أبدا ما كان حيا إلى أن يأتيه خبره.
قال: فكنا في كل ليلة نفرش لأبي الحسن الرضا (عليه السلام) في الدهليز، ثم يأتي بعد العشاء فينام، فإذا أصبح انصرف إلى منزله، قال: فمكث على هذه الحال أربع سنين.
فلما كان في ليلة من الليالي أبطأ عنا وفرش له، فلم يأت كما كان يأتي، فاستوحش العيال وذعروا، ودخلنا أمر عظيم من إبطائه، فلما كان من الغد أتى الدار ودخل إلى العيال وقصد إلى أم أحمد، فقال لها: هاتي الذي أودعك أبي، فصرخت ولطمت وجهها وشقت جيبها، وقالت: مات والله سيدي، فكفها وقال لها: لا تكلمي بشيء ولا تظهريه حتى يجيء الخبر إلى الوالي.
فأخرجت إليه سفطا وألفي دينار، أو أربعة آلاف دينار، فدفعت ذلك أجمع إليه دون غيره، وقالت: إنه قال لي فيما بيني وبينه، وكانت أثيرة (2) عنده: " احتفظي بهذه الوديعة عندك، لا تطلعي عليها أحدا حتى أموت، فإذا مضيت فمن أتاك من ولدي فطلبها منك فادفعيها إليه، واعلمي أني قد مت " وقد جاءتني والله علامة سيدي.