وعقابين (1)، وأمر بالفضل فجرد من ثيابه، وضربه السندي بين يديه مائة سوط، وخرج متغير اللون خلاف ما دخل، فجعل يسلم على الناس يمينا وشمالا، وكتب مسرور بالخبر إلى الرشيد، فأمر بتسليم موسى (عليه السلام) إلى السندي بن شاهك، وجلس الرشيد مجلسا حافلا، وقال: أيها الناس، إن الفضل بن يحيى قد عصاني، وخالف طاعتي، ورأيت أن ألعنه فالعنوه، فلعنه الناس من كل ناحية حتى ارتج البيت والدار بلعنه، فبلغ يحيى بن خالد الخبر، فركب إلى الرشيد، ودخل من غير الباب الذي يدخل الناس منه، حتى جاءه من خلفه وهو لا يشعر به، ثم قال: التفت إلي يا أمير المؤمنين، فأصغى إليه فزعا، فقال: إن الفضل حدث، وأنا أكفيك ما تريد، فانطلق وجهه وسر، فقال له يحيى: يا أمير المؤمنين، قد غضضت من الفضل بلعنك إياه، فشرفه بإزالة ذلك، فأقبل على الناس فقال: إن الفضل كان قد عصاني في شيء فلعنته، وقد تاب وأناب إلى طاعتي فتولوه، فقالوا: نحن أولياء من واليت وأعداء من عاديت، وقد توليناه.
ثم خرج يحيى على البريد حتى وافى بغداد، فماج الناس وأرجفوا بكل شيء، وأظهر أنه ورد لتعديل السواد، والنظر في أمر العمال، وتشاغل ببعض ذلك أياما، ثم دعا السندي بن شاهك، فأمره بقتل موسى بن جعفر (عليه السلام)، فقتله.
قيل: جعل له سما في طعام وقدمه إليه. وقيل: جعله في رطب، فأكل منه فأحس بالسم، ولبث ثلاثا بعده موعوكا منه، ثم مات في اليوم الثالث (2).