وهكذا أخذ أمر الإمام (عليه السلام) ينتشر ويتسع حتى اهتدى إليه أكثر الشيعة، ورجعوا إليه في مشاكلهم وأمور دينهم بالرغم من الرقابة الشديدة التي وضعها المنصور ومحاولاته لتشتيت أمر الشيعة بإرجاعهم إلى أخويه عبد الله الأفطح وإسماعيل، مع أن إسماعيل قد مات في حياة أبيه (عليه السلام) وقد شيعه بحضور الوالي محمد بن سليمان، وكان كلما سار المشيعون بالنعش خطوات يتقدم الإمام الصادق (عليه السلام) ويكشف وجهه للناس (1)، رغم ذلك فإن المنصور وأنصاره أشاعوا بأن الوالي على البصرة كتب إليهم يخبرهم بوجوده فيها (أي بوجود إسماعيل)، وأنه مر على مريض مزمن فدعا له وبرئ من مرضه (2)، وذلك لتشتيت الشيعة وتفريقهم عن الإمام (عليه السلام).
الشيعة بعد وفاة الإمام الصادق (عليه السلام):
قال الشيخ المفيد (رحمه الله): ثم لم تزل الإمامية على القول بنظام الإمامة حتى افترقت كلمتها بعد وفاة أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام)، فقالت فرقة منها:
إن أبا عبد الله (عليه السلام) حي لم يمت، ولا يموت حتى يظهر فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، لأنه القائم المهدي، وتعلقوا بحديث رواه رجل يقال له عنبسة بن مصعب عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: إن جاءكم من يخبركم عني بأنه غسلني ودفنني فلا تصدقوه، وهذه الفرقة تسمى: الناووسية، وإنما سميت بذلك لأن رئيسهم في هذه المقالة رجل من أهل البصرة يقال له: عبد الله بن ناووس.