المهدي بعد أبيه المنصور:
تولى بعد المنصور ولده محمد المهدي عشر سنين وشهرا وستة عشر يوما، ولم يتعرض المهدي في بداية حكمه للإمام بمكروه ولم ينله بسوء، مكتفيا بوضع الرقابة الشديدة عليه، ولما رجع أكثر المنحرفين عن الإمام إلى القول بإمامته، والتف حوله الرواة والعلماء، فاشتهر أمره وذاع صيته، عمد المهدي إلى استدعائه إلى بغداد فحبسه، قاصدا التنكيل به وقتله، لكن إرادة الله كانت تحول دون ذلك، فأطلق سراحه بعد أن رأى برهان ربه، والظاهر من الروايات أنه اعتقله أكثر من مرة، وفي كل مرة كان ينجو (عليه السلام) بإرادة الله تعالى.
أخباره (عليه السلام) مع المهدي:
1 - عن أبي خالد الزبالي، قال: قدم علينا أبو الحسن الكاظم (عليه السلام) زبالة، ومعه جماعة من أصحاب المهدي بعثهم في إشخاصه إليه إلى العراق من المدينة، ذلك في القدمة الأولى على المهدي، فأتيته وسلمت عليه، فسر برؤيتي، وأوصاني بشراء حوائج له وتعبيتها عندي، فرآني غير منبسط وأنا مفكر منقبض، فقال: ما لي أراك منقبضا؟ فقلت: وكيف لا ورأيتك سائرا وأنت تصير إلى هذا الطاغية ولا آمن عليك منه! فقال: يا أبا خالد، ليس علي منه بأس، فإذا كان في شهر كذا من يوم الفلاني فانتظرني آخر النهار مع دخول الليل، فإني أوافيك إن شاء الله تعالى.
قال أبو خالد: فما كان لي هم إلا إحصاء تلك الشهور والأيام إلى ذلك اليوم الذي وعدني المأتى فيه، فخرجت وانتظرته إلى أن غربت الشمس، فلم أر أحدا، فداخلني الشك في أمره، فلما كان دخول الليل، فبينما أنا كذلك، فإذا بسواد قد أقبل من ناحية العراق، فإذا هو على بغلة أمام القطار، فسلمت وسررت بمقدمه