ثم قال: أعوذ بالله عز وجل، وباسمه العظيم الأعظم، الذي دعا به آصف ابن برخيا (عليه السلام) حتى جاء بسرير بلقيس فوضعه بين يدي سليمان قبل ارتداد طرفه إليه، إجمع بيني وبين ابني في المدينة.
قال المسيب (رحمه الله): سمعته يدعو ففقدته من مصلاه، فلم أزل قائما على قدمي حتى رأيته قد عاد إلى مكانه وأعاد الحديد إلى رجله، فخررت ساجدا لله شكرا على ما أنعم الله به علي من معرفته.
فقال لي: ارفع رأسك يا مسيب، واعلم أني راحل إلى الله تعالى في ثالث هذا اليوم. قال: فبكيت، فقال (عليه السلام): تبكي، فإن عليا ابني إمامك من بعدي، فاستمسك بولايته، فإنك لن تضل ما لزمته، فقلت: الحمد لله.
ثم إن سيدي دعاني ليلة اليوم الثالث فقال لي: إني على ما عرفتك من الرحيل إلى الله تعالى، فإذا دعوت بشربة من الماء فشربتها، ورأيتني قد انتفخت وارتفع بطني، واخضر لوني، واحمر وتلون ألوانا، فخبر الطاغية بوفاتي، وإذا رأيت هذا الحدث فإياك أن تظهر عليه أحدا إلا بعد وفاتي.
قال المسيب بن زهير: فلم أزل أرقب وعده (عليه السلام) حتى دعا بالشربة فشربها، ثم دعاني، فقال: يا مسيب، إن هذا الرجل اللعين السندي بن شاهك لعنه الله سيزعم أنه تولى غسلي ودفني، هيهات هيهات، لا يكون ذلك أبدا، فإذا حملت إلى المقبرة المعروفة بمقابر قريش فألحدني فيها، ولا ترفعوا قبري فوق أربع أصابع مفرجات، ولا تأخذوا من تربتي شيئا فتتبركوا به، فإن كل تربة لنا محرمة إلا تربة جدي الحسين (عليه السلام)، فإن الله عز وجل جعلها شفاء لشيعتنا وأوليائنا.
ثم رأيت شخصا أشبه الخلق به (عليه السلام) جالسا إلى جانبه، وكان عهدي بسيدي الرضا (عليه السلام) وهو غلام، فأردت سؤاله فصاح بي سيدي موسى (عليه السلام): أليس نهيتك