ولم يكن الرشيد ليجهل موقف الإمام (عليه السلام) واعتزاله العمل السياسي في سبيل الوصول للحكم، بل لقد صرح الرشيد مرة ببراءة الإمام عن كل ما يرمى به من قبل الوشاة حيث قال: الناس يحملوني على موسى بن جعفر وهو بريء مما يرمى به (1)، ولكنها عقدة النجاح الهائل الذي لقيه الإمام (عليه السلام) والتأثر بسيرته الصالحة في مختلف أوساط الأمة، والمحبة له التي عمرت قلوب الناس، وصلابته في موقف الحق، وتفوقه بالعلم ومكارم الأخلاق، كل ذلك جعل منه في نظر الرأي العام المسلم البديل المتعين لعناصر الخلافة الظالمة، أضف إلى أن سلبية الإمام (عليه السلام) في التعاون مع الحكم وعدم التعاطف مع مواقفه المشبوهة، كل ذلك جعل الإمام (عليه السلام) في تصورات الرشيد وسابقيه منافسا خطيرا وخصما عنيدا دون أن تبدو منه (عليه السلام) أي بادرة خلاف عملية تصطدم مع هيكل الحكم.
وفيما يلي نستعرض مواقف الحكام الذين عاصرهم، وما جرى له معهم.
مع المنصور:
لقد دامت فترة تولي الإمام الكاظم (عليه السلام) الإمامة في عهد المنصور نحو عشر سنوات، شاهد قبلها موقف المنصور مع أبيه الصادق (عليه السلام) الذي اتخذ من النظام الحاكم موقفا سلبيا، ورغم ذلك فقد تعرض مرارا لتحديات المنصور وتهديده له بالقتل تارة وبالحبس أخرى، وكان يحصي عليه أنفاسه ويراقبه من خلال عيونه وجواسيسه، حتى اضطر الصادق (عليه السلام) إلى التستر بالنص على الإمام بعده إلا إلى خلص أصحابه، وأوصاهم بالحذر والكتمان من جواسيس المنصور وزبانيته، بل