فخاف هارون من هيبته، ثم دعا الحاجب، فجاء الحاجب فقال له: إذهب إلى السجن فأطلق عن موسى بن جعفر.
قال: فخرج الحاجب فقرع باب السجن فأجابه صاحب السجن، فقال:
من ذا؟
قال: إن الخليفة يدعو موسى بن جعفر فأخرجه من سجنك، وأطلق عنه.
فصاح السجان: يا موسى، إن الخليفة يدعوك.
فقام موسى (عليه السلام): وهو يقول: لا يدعوني في جوف هذا الليل إلا لشر يريد بي، فقام مغموما آيسا من حياته.
فجاء إلى هارون، فقال: سلام على هارون، فرد عليه السلام.
ثم قال له هارون: ناشدتك بالله هل دعوت في جوف هذه الليلة بدعوات؟
فقال: نعم.
قال: وما هن؟
قال: جددت طهورا وصليت لله عز وجل أربع ركعات، ورفعت طرفي إلى السماء وقلت: " يا سيدي خلصني من يد هارون وشره ".
وذكر له ما كان من دعائه.
فقال هارون: قد استجاب الله دعوتك، يا حاجب أطلق عن هذا.
ثم دعا بخلع فخلع عليه ثلاثا وحمله على فرسه، وأكرمه، وصيره نديما لنفسه.
ثم قال: هات الكلمات. فعلمه، فأطلق عنه وسلمه إلى الحاجب ليسلمه إلى الدار ويكون معه.
فصار موسى بن جعفر (عليه السلام) كريما شريفا عند هارون، وكان يدخل عليه في كل خميس إلى أن حبسه الثانية، فلم يطلق عنه حتى سلمه إلى السندي بن شاهك،