أولا - العلم:
كان من بعض مظاهر العظمة عند الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) أنه كان أعلم أهل زمانه وأفضلهم بشهادة الأكابر من معاصريه بما فيهم خصمه وقاتله هارون الرشيد. فعندما شاهد المأمون الحفاوة والتكريم من قبل أبيه الرشيد في استقبال الإمام الكاظم (عليه السلام) حينما كان في المدينة وقد استأذن عليه، قال لأبيه: لقد رأيتك عملت بهذا الرجل شيئا ما رأيتك فعلته بأحد من أبناء المهاجرين والأنصار ولا ببني هاشم، فمن هذا الرجل؟! فقال الرشيد: يا بني، هذا وارث علم النبيين، هذا موسى بن جعفر بن محمد، إن أردت العلم الصحيح فعند هذا (1).
ولقد استقى الإمام الكاظم (عليه السلام) علمه من أبيه الصادق (عليه السلام) مؤسس المدرسة العلمية الكبرى لأهل البيت (عليهم السلام)، فقد نشأ ودرج في حجره وأخذ عنه العلم وورث منه مصادر الإيمان والحق. وكان علمه (عليه السلام) إلهاميا كعلم الأنبياء والأوصياء، لا كسبيا كعلم بقية الناس، وقد أقام المتكلمون من الشيعة على ذلك سيلا من الأدلة التي لا تقبل الجدل والشك.
وقد كان (عليه السلام) يعرف بالعالم لما روي عنه في فنون العلم المختلفة العقلية والنقلية، ولتميزه من بين أقرانه منذ صباه (عليه السلام) حيث توسم فيه الإمام أبو حنيفة هذا النبوغ وعلو الهمة وهو لم يزل بعد غلاما، وسيأتي فيما سنذكره من حديث عيسى شلقان ما يدل على ذلك أيضا.