من المدينة استقبلته الوجوه من أهلها يقدمهم موسى بن جعفر (عليه السلام) على بغلة، فقال له الربيع: ما هذه الدابة التي تلقيت عليها أمير المؤمنين (عليه السلام)؟! وأنت إن طلبت عليها لم تدرك، وإن طلبت لم تفت! فقال (عليه السلام): إنها تطأطأت عن خيلاء الخيل، وارتفعت عن ذلة العير (1)، وخير الأمور أوسطها (2). وهذا مثل رائع في الزهد والتواضع والترفع عن مظاهر الترف الزائلة.
رابعا - الحلم:
كان الإمام الكاظم (عليه السلام) مضرب المثل في حلمه وكظمه للغيظ ومجازاة المسيئين إليه بالإحسان إليهم، قال الشيخ المفيد: وسمي بالكاظم لما كظمه من الغيظ وصبر عليه من فعل الظالمين به حتى مضى قتيلا في حبسهم ووثاقهم (3).
كان (عليه السلام) يصفح عمن اعتدى عليه، ويعفو عمن أساء إليه، ولم يكتف بذلك وإنما كان يحسن لهم ويغدق عليهم بالمعروف ليمحو بذلك روح الشر والأنانية من نفوسهم، فقد روي أنه كان يبلغه عن الرجل أنه يؤذيه فيبعث إليه بصرة فيها ألف دينار (4).