ثالثا - في علمه بالمغيبات وبما يكون 1 - عن ابن سنان، قال: حمل الرشيد في بعض الأيام إلى ابن يقطين ثيابا أكرمه بها، وكان في جملتها دراعة خز سوداء من لباس الملوك مثقلة بالذهب، وتقدم علي بن يقطين بحمل تلك الثياب إلى أبي الحسن موسى (عليه السلام)، وأضاف إليها مالا كان أعده على رسمه له فيما يحمله إليه من خمس ماله، فلما وصل ذلك إلى أبي الحسن (عليه السلام) قبل المال والثياب ورد الدراعة على يد غير الرسول إلى علي بن يقطين، وكتب إليه: احتفظ بها ولا تخرجها من يدك، فسيكون لك شأن تحتاج إليها معه، فارتاب علي بن يقطين بردها عليه، ولم يدر ما سبب ذلك، فاحتفظ بالدراعة.
فلما كان بعد أيام تغير ابن يقطين على غلام له كان يختص به، فصرفه عن خدمته، فسعى به إلى الرشيد وقال: إنه يقول بإمامة موسى بن جعفر، ويحمل إليه خمس ماله في كل سنة، وقد حمل إليه الدراعة التي أكرمه أمير المؤمنين بها في وقت كذا وكذا.
فاستشاط الرشيد غضبا وقال: لأكشفن عن هذه الحال، وأمر بإحضار علي ابن يقطين، فلما مثل بين يديه قال: ما فعلت بتلك الدراعة التي كسوتك بها؟
قال: هي يا أمير المؤمنين عندي في سفط مختوم فيه طيب، وقد احتفظت بها، وكلما أصبحت فتحت السفط ونظرت إليها تبركا بها، وأردها إلى موضعها، ولما أمسيت صنعت مثل ذلك.
فقال: ائت بها الساعة. قال: نعم. وأنفذ بعض خدمه فقال: امض إلى البيت الفلاني، وافتح الصندوق، وجئني بالسفط الذي فيه بختمه. فلم يلبث الغلام أن جاء