في داره جالسا، فدخل عليه محمد وهو صبي صغير، فعدا إليه فكبا في قميصه، ووقع لحر وجهه فقام إليه أبو عبد الله (عليه السلام) فقبله ومسح التراب عن وجهه، وضمه إلى صدره، وقال: سمعت أبي يقول: إذا ولد لك ولد يشبهني فسمه باسمي، وهذا الولد شبيهي وشبيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلى سنته وشبيه علي (عليه السلام)، وهذه الفرقة تسمى السمطية (1) بنسبتها إلى رجل يقال له: يحيى بن أبي السمط (2)، وهو رئيسهم.
وقالت فرقة أخرى: إن الإمام بعد أبي عبد الله (عليه السلام) ابنه عبد الله بن جعفر، واعتلوا في ذلك بأنه كان أكبر ولد أبي عبد الله (عليه السلام)، قالت: وإن أبا عبد الله (عليه السلام) قال: الإمامة لا تكون إلا في الأكبر من ولد الإمام. وهذه الفرقة تسمى الفطحية، وإنما سميت بذلك لأن رئيسا لها يقال له: عبد الله بن أفطح، ويقال: إنه أفطح الرجلين، ويقال: بل كان أفطح الرأس، ويقال: إن عبد الله كان هو الأفطح.
إبطال قول الناووسية:
قال الشيخ المفيد (رحمه الله): فأما الناووسية فقد ارتكبت في إنكارها وفاة أبي عبد الله (عليه السلام) ضربا من دفع الضرورة وإنكار المشاهدة؛ لأن العلم بوفاته كالعلم بوفاة أبيه من قبله، ولا فرق بين هذه الفرقة وبين الغلاة الدافعين لوفاة أمير المؤمنين (عليه السلام) وبين من أنكر مقتل الحسين (عليه السلام) ودفع ذلك وادعى أنه كان مشبها للقوم، فكل شيء جعلوه فصلا بينهم وبين من ذكرناه فهو دليل على بطلان ما ذهبوا إليه في حياة أبي عبد الله (عليه السلام).