و قد لمست الانسانية فضله العميم عليها، حيث قد أخرجهم ونقلهم من الظلام إلى النور، ونقلهم من حضيض الجهل إلى أوج العلم والمعرفة، وكون منهم هذه الأمة التي قال عنها سبحانه: ﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس﴾ (1).
وكان (صلى الله عليه وآله)، النموذج الأمثل لما دعا اليه، والقدوة الصالحة لكل من تأثر بسيرته، فلم يأمر الأمة بشيء إلا كان السباق إلى الاتصاف بما يأمرهم به، والمنهى عن كل ما ينهاهم عنه... وقد أدى الأمانة وحفظ ما استودع..
ولما كانت رسالته قد أريد لها أن تكون خاتمة الرسالات، فقد اشتملت على كل مقومات البقاء والاستمرار لما فيها من شمولية واستيعاب، ولكن وبالرغم من شمول تلك الرسالة، وتكفلها لحاجات البشرية، فلابد لها من قادة وحفظه يواكبون بها سير التطبيق والرعاية، فقد جاء التأكيد من قبله، بأن الذين أسندت إليهم هذه المهمة هم ذريته وعترته الأقربون.
ولقد توافروا على صفات الكمال، من طهر الذات، وجمال الصفات، بما لم يعهد في غيرهم ممن عاصرهم أو ممن جاء بعدهم.
و قد برهنوا على هذه الأحقية بما كانوا عليه من الوحدة السلوكية التي كانوا عليها، بالرغم من تباعد الزمن، واختلاف الظروف، وتبدل الأحوال. فإذا قرأت سيرة الأمام الحسن العسكري الذي عاش في العصر العباسي، فإنك لا تجد ما يبعد هذه السيرة عن سيرة علي، وعن سيرة الحسن والحسين (عليهم السلام)، الذي عاشوا في صدر الرسالة، وما ذلك إلا دليل عصمتهم وطهارتهم ومشربهم الواحد، فكانوا جميعا الامتداد الطبيعي لسيرة جدهم المصطفى:
قوم كأولهم في الفضل آخرهم * والفضل أن يتساوى البدء والعقب وقد أكد الرسول (صلى الله عليه وآله) على ما لذريته من مقام ومنزلة متميزة، بحديث الثقلين، حيث قال: إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا وقد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا